قضايا المرأة بين الواقع والتقارير: حوار مع الناشطة رانيا العوني في مواجهة قضايا العنف الجسدي والجنسي

صحيفة الهدف

حوار: د. امتثال بشير – أ.يوسف الغوث

#ملف_المرأة_والمجتمع

ضمن حوارات “الهدف” الخاصة بملف “المرأة والمجتمع”، تستضيف  الناشطة الأستاذة رانيا العوني، التي تكرّس جهودها للدفاع عن قضايا النساء والضحايا في مناطق النزاع. يتناول الحوار التحديات التي تواجه العمل الحقوقي، والفجوة بين التقارير الرسمية والواقع الميداني، إضافة إلى دور الإعلام والمنظمات الدولية، ورؤية العوني للإصلاح والعدالة. حوار يعكس عمق التجربة ومدى ملامسة الطرح لضمير المجتمع الدولي. وتعمل العوني منذ أكثر من عقد في توثيق الانتهاكات ضد النساء والفئات المهمشة في مناطق الأزمات والنزاعات المسلحة. ساهمت في إعداد تقارير لصالح منظمات دولية، وشاركت في جهود المناصرة على المستوى الإقليمي والدولي. اشتهرت بمواقفها الصريحة ودفاعها المستميت عن ضحايا الانتهاكات، رغم التحديات والتهديدات التي واجهتها خلال مسيرتها. إلى مضابط الحوار:


ما ملاحظاتك حول الفجوة بين التقارير الحقوقية وما يحدث فعلياً على أرض الواقع؟

 هناك فجوة كبيرة بين ما يكتب في التقارير وما يحدث فعلياً على الأرض. التقارير غالباً ما تعكس رؤية محددة أو مصالح معينة، بينما الواقع على الأرض أكثر تعقيداً وتنوعاً. الأرقام والإحصائيات لا تستطيع أن تلتقط عمق المعاناة الإنسانية والتعقيدات المحلية.

هل مررت بلحظات شك في جدوى هذا العمل الإنساني؟

 نعم، قد شككت في جدوى عملي في بعض الأحيان، عندما شعرت أن الضحايا يُعاد اغتصابُهن بصمت المجتمع الدولي. هذا الشعور يأتي من رؤية الانتهاكات المتكررة وعدم اتخاذ إجراءات كافية لمنعها أو محاسبة الجناة.

كيف تتعاملين مع قضايا يكون فيها الجاني جهة رسمية؟

 عندما يكون الجاني جهة حكومية أو قوات أمن، فإن حماية الضحية تصبح أكثر تعقيداً. في مثل هذه الحالات، يجب أن تلعب المنظمات الدولية والحقوقية دوراً أكبر في الضغط على الحكومات لتحمل مسؤولياتها تجاه حماية مواطنيها.

 ما تقييمك لآليات الأمم المتحدة في مساءلة مجرمي الحرب؟

 آليات الأمم المتحدة الحالية غالباً ما تخضع لحسابات سياسية، مما يؤثر على فعاليتها في مساءلة مجرمي الحرب. هناك حاجة إلى إصلاحات جذرية لضمان أن تكون هذه الآليات أكثر استقلالية وفعالية.

 تحدثتِ سابقًا عن “ضحايا غير متساوين”، ماذا تقصدين بذلك؟

نعم، هناك “ضحايا غير متساوين” في نظر المجتمع الدولي. الاستجابة للانتهاكات غالبًا ما تختلف حسب جنسية الضحية أو هوية الجاني، مما يعكس عدم المساواة في التعامل مع القضايا الإنسانية.

هل واجهتِ عراقيل نتيجة رفض بعض الدول التعاون معكم؟

 واجهنا عراقيل عديدة بسبب رفض بعض الدول التعاون، وتم التغاضي عن ذلك أحيانًا حفاظًا على “العلاقات الدبلوماسية”. هذا الأمر يضعف من فعالية العمل الإنساني ويعرض الضحايا للخطر.

من الناحية النفسية، كيف تتعاملين مع القصص الصادمة التي تواجهينها؟

التعامل مع القصص التي نسمعها يتطلب دعمًا نفسيًا قويًا. هناك حالات عديدة ظلت عالقة في نفسي، ولكن الدعم النفسي والمهني يساعد في التعامل مع هذه التحديات.

هل تعرضتِ لتهديدات بسبب كشف معلومات حساسة؟

 نعم، تعرضت لتهديدات بسبب كشف تفاصيل ملفات معينة. رد فعلي كان الاستمرار في العمل والتصدي لهذه التهديدات بكل قوة، معتمدة على الحق في حرية التعبير والعمل الإنساني.

لو أُتيح لك تعديل بعض آليات عمل الأمم المتحدة، ما أول خطوة تقومين بها؟

كنت سأعمل على تعزيز استقلالية هذه الآليات وضمان فعاليتها في مساءلة مجرمي الحرب وتحقيق العدالة للضحايا.

ما مدى إيمانك بإمكانية تحقيق العدالة؟

 أنا أؤمن بأن العدالة ممكنة، ولكنها تتطلب جهوداً مستمرة ومتواصلة من جميع الأطراف. دورنا هو توثيق الجرائم والعمل على منعها، ومساءلة الجناة.

كيف ترين دور الإعلام في تغطية الانتهاكات ضد النساء؟

 الإعلام يمارس دورًا مهمًا في تغطية الانتهاكات ضد النساء والأطفال. يجب أن تكون التغطية شاملة ومتوازنة، وتركز على تقديم صورة حقيقية للواقع دون تزييف أو تحيز.

 لو أُعطيتِ منبرًا عالميًا، ماذا تقولين للضحايا؟ وماذا تقولين للجناة؟

 للضحايا: أنتن لستن وحدكن، هناك من يسمعكن ويدعمكن.
وللجناة: العدالة ستطالكم أينما كنتم، والانتهاكات الجنسية جرائم لا تُغتفر.

ختامًا

في ظل تعقيدات الواقع وتحديات العمل الإنساني، يبقى صوت الناشطات وفي مقدمتهن الأستاذة رانيا العوني ضرورياً لكسر الصمت وتسليط الضوء على معاناة لا يجب أن تُنسى. العدالة ليست خياراً، بل حقّ يجب أن يُنتزع، والعمل من أجلها مسؤولية جماعية تبدأ من الاعتراف بالحقيقة ولا تنتهي إلا بتحقيقها.

#رانيا_العوني #جرائم_الحرب #العنف_الجنسي #حقوق_المرأة #ضحايا_النزاعات #مساءلة_الجناة #العدالة_للضحايا #العمل_الحقوقي #الأمم_المتحدة

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.