
د. عصام علي حسين
فاقمت حرب (أبريل 2023م) المستعرة بين الجيش وقوات الدعم السريع من أزمة الاقتصاد السوداني وعصفت بمؤشرات اقتصاده الكلي وأدت إلى تراجع معدلات نموه وتدهورت على أثره الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وزادت من معدلات الفقر والبطالة وقفزت معدلات التضخم إلى نسبة 245% وانفراط سعر الصرف ليتجاوز سعر الدولار الأمريكي (3000 )جنيه في السوق الموازي مما انعكس في زيادة كبيرة في معظم أسعار السلع والخدمات التي قفزت إلى أسعار خيالية لا تتناسب ودخل الفرد؛ لذا تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين وعم الكساد الأسواق.
ويعود هذا الارتفاع الكبير في معدلات التضخم على هذا النحو، إلى الافراط في طباعة العملة “الجنيه” دون وجود احتياطي نقدي كافي لدى البنك المركزي، وذلك بهدف توفير السيولة المطلوبة للإنفاق الحكومي المتزايد بسبب كلفة الحرب، مع انخفاض الإيرادات العامة، وعلى رأسها الضريبية وزيادة معدلات التهرب الضريبي.
كما أن وفي ظل هذه الحرب شهد الاقتصاد السوداني تراجعاً متواصلاً في أداء القطاعات الرئيسية والمتمثلة في الزراعة والصناعة، حيث تراجع معدل النمو السنوي للإنتاج الزراعي إلى أكثر من -2% وانخفض انتاجه نتيجة لفقدان الأمن من جهة وانخراط معظم الأيادي العاملة لا سيما الشبابية منها في صفوف المقاتلين إضافة إلى تدهور سياسات التمويل والتسويق الزراعي. وعلى المثل من ذلك تراجع أيضًا إنتاج القطاع الصناعي بسبب تدمير بنيته التحتية هو الآخر وفقدان مرتكزاته الإنتاجية.
إن تراجع القطاعات الإنتاجية في البلاد، خلق مزيداً من الطلب على الواردات، مما أدى إلى تفاقم العجز التجاري، وشكل ضغطاً إضافياً على سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية الأخرى وبالتالي المزيد من تدهور قيمته، كما أن تفشي الفساد والمحسوبية في مختلف القطاعات وعلى رأسها قطاع الصادرات والواردات ادي إلى تبديد الموارد العامة، وتقويض فرص حشد الموارد لمقابلة الصرف المتزايد على نفقات الحرب.
إن استمرار المواجهات العسكرية وما يترتب عليها من تأثيرات في المؤشرات الاقتصادية المرتبطة بتزايد الإنفاق العسكري، وانخفاض الإيرادات الضريبية، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي، سيؤدي إلى استمرار حالة التدهور التي يعاني منها الاقتصاد السوداني وسيؤدي إلى مزيد من تفاقم الأزمة المعيشية والحياتية مالم تضع حكومة الأمر الواقع وقيادات الجيش حدًا للاحتراب وسعت جاهدة لخلق توافق وطني يقود إلى تكوين حكومة مدنية قوية وفاعلة وشفافة.
Leave a Reply