أطفال، وتجنيد،..

صحيفة الهدف

عبدالغني كرم الله

#ملف_الهدف_الثقافي

ضامري البطن من جوع وبيدهم كلاشنكوف

شيء تتقزز منه الروح

تحس بندم عظيم، حين تفكر في مفهوم “السلام”، الذي حققه الإنسان السوداني، سواء المتصوفة أو المفكرين أو الشعراء، تتعجب حقًا من أين أتى هولاء؟

الشيخ الطيب السماني حقق سلام حتى مع الغزلان، كانت تحك جنبها عليه وتمضي، وأعطى الأستاذ محمود معنى أعمق وأعم لمفهوم السلام مع الأشياء والأحياء، “قطعت أضانه” لتلميذ نزع صفقة شجرة (كدي أسمعي هسي بتتألم)، لتلميذة كانت جالسة على النجيلة تتسامر وتقطع بلا شعور في العشب،

وبكى قلب التجاني لنملة شهيدة، وتغنى بها في قصيدة:

(هذه النملة في رقتها رجع صداه

هو يحيا في حواشيها وتحيا في ثراه

وهي أن أسلمت الروح تلقتها يداه

لم تمت فيها حياة الله إن كنت تراه)

وبكى إدريس جماع، في بخت الرضا حين داست سيارة قطة عابرة، حملها ودفنها كروح عزيزة، ولم يأكل ذلكم اليوم، فما بال هولاء؟.

أما معاوية نور فكل حياته مبذولة في سبيل السلام، قاوم، وفكر، وانتقد الانجليز في تسليح القبايل، (ولا تزال الضغائن بينهم)، وقال كلمة تكتب بالدهب، (السلام لا يأتي بنزع السلاح، إنما بنزع الضغائن من القلوب)، وهذه لن تكون سوى بالعدالة والمساواة الاجتماعية والاشتراكية، وقيلت هذه الكلمة 1932م، فتأمل، لو بدأنا حيث انتهى معاوية!!! قيل (السراج لا يوضع تحت المكيال، إنما في الجبل كي يرى الناس)، ولكن معاوية (السراج المنير)، انتهى مصيره مجنون مربوط على شعبة، والأستاذ محمود اغتيل بحبل حول عنقه وصراخ الهمج كصراخ أهل بغداد حين اغتيل الحلاج، وهو من طالب بالفدرالية منذ الخمسينيات، وكفى الله البلاد شر الانفصال، والتجاني مات مبكرًا، عاش عزلة فهم وقاده لا شعوره الخصب لعزلة الموت، أما جماع انتهى هائمًا على وجهه، صاحب  (ماذا علينا إذا نظرنا، هي نظرة تنسى الوقار ، وتسعد الروح المعنى)، مجرد نظرة تكفئ مؤنة قلب شفيف.

أما كبار الأولياء، في بلدي، فقد كان همهم جنة. الأرض، حين يلعب الأطفال مع الحيات، وترعى الخراف مع الذئاب، ويكثر المال، حتى لا يقبله أحد، وعملو في سبيل ذلك  كمونات (أين منها كمونات باريس)، مسايد اشتراكية، في كل شي، أكل ولبس وتعاون، (الدقو صدرو، شيطانو قدرو)، ولو. ما عجيني منو البجيني.

حقا من أين أتى هولاء؟ هذا هو ميراث شعبنا وحلمنا، سلام ورأفة وإحساس رقيق وحي حتى بنملة، مجتهدة ونشيطة، وتعرف تحديات الغيب والغد وجفاف الشتاء، فتوفر الحبوب، وتجر حبة قمح ثقيلة بجسارة وتعاون، بل تعمل فكرها وتثقب الحبوب كي لا تنمو من رطوبة الجحر، أو تتسلل لها مياه المطر، ناهيك عن خوفها وحسها وغرامها وتألمها وهي ترفس بأرجلها ال6، أو تتحسس طريقها في الظلام بقرني استشعار،. اللمس نور، ياله من حس وفكر وخيال، يستجوب التقديس، والرحمة، حقًا من جهل العزيز لا يعزه، فهذه نملة عزيزة عندهم، فما بالك بالإنسان عند هولاء العميان.

نحن في انحراف خلقي عظيم، وتربية النشء على العنف في التعامل مع الآخر، إذن على موعد مع حروب قادمة (فلن تجني من الشوك العنب).

فقد شاهد الأستاذ محمود بعض أطفال تلميذاته، يتقاتلون بمسدسات طبخ، طاخ طراخ، ونهى عن شراء هذه اللعبة (ما تعلموهم انو العدو برة، العدو جوة، حيث الكسل والأنانية والحسد، ينشغلوا بانفسهم، ومثالبها الكثيرة)، طوبى لمن. شغله عيبه عن عيوب الناس.

قبح لا نظير له، في تاريخ الإنسانية، اغتيل وأهمل المفكرين والحكماء، ويقودنا عميان،.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.