
بدو أننا نعيش في زمن انتهاك الحُرمات، فقد ضاعت حرمة جامعاتنا، كون المسؤولين عن الجامعة لايعرفون ولايدركون معنى أن تكون الجامعة حرم آمن.
فإلى الذين لايعرفون معنى الحرم الجامعي ممن يعملون الآن في الوسط الجامعي نقول :
إن مفهوم الجامعة حرم آمن يعني أن لها مهابة خاصة تقترن بعبق نفسي وروحي خاص يكاد يقترب من قدسية مكان العبادة. هكذا كنا وكان علماؤنا عبر تاريخ مابعد تأسيس الجامعات يحترمون مهابة الجامعة كونها مكان علم وتعليم وتمكين أجيال وبناء خبرات دولة.
وحُرمة هذا المكان صارت من التقاليد والأعراف الجامعية، ووضعت له قواعد قانونية في كل دول العالم، التي تحترم جامعاتها ومركزها العلمي وعليها صون حرمتها، وصار دخول هذا الحَرم عرفا وتقليدًا له شروط وقواعد أو معايير خاصة.
وبالتالي لايجوز ان تنتهك بإدخال أو بإبراز أي مظهر من المظاهر العسكرية داخل أبنيتها، ولايسمح بدخول أي شخص من رجال الأجهزة العسكرية والأمنية حاملاً سلاحه.
فكيف إذن يحدث هذا، الذي جرى في إحدى الجامعات الأهلية العراقية، وعلى مرأى ومسمع وزارة التعليم العالي والحكومة ؟. حيث شهدت ساحة الجامعة استعراضًا عسكريًا لأكثر من صنف عسكري وهم يحملون أسلحتهم وراياتهم العسكرية ويستعرضون أمام أعضاء من هيئة التعليم يرأسهم مالك الجامعة الذي لايملك حتى لقبًا علميًا.
أية كارثة هذه، التي حدثت في الوسط الجامعي ؟، إنها سابقة خطيرة لم تحدث داخل الجامعات العراقية ومنذ تأسيس أول كلية قانون في العراق عام 1908 قبل تأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي. فشكلت هذه الحادثة الآن نقطة سوداء جديدة في مسيرة الجامعات العراقية، كونها تمثل أحد أوجه الفساد بأشكاله الإداري والمالي والأخلاقي، وامتهان لحرمة المكان الجامعي ولمكانة رجال العلم الذين على مايبدو لاحول لهم ولاقوة في إبداء الرأي.
إن الذي يجري داخل منظومة التعليم في العراق وفي التعليم الجامعي على وجه الخصوص معيب ويشكل خللاً خطيرًا في تطبيق قانون التعليم الجامعي وانتهاكًا للتقاليد الجامعية العريقة. فقد جرى تولي أشخاص في منظومة التعليم لايملكون شهادة علمية أو يملكون شهادات مزورة، ولايملك البعض منهم حتى القدرة على حسن السلوك مع الطلبة، فقد سجلت أحداث لوثت سمعة أساتذة الجامعة المعروفة بالأسلوب التربوي والأخلاقي العالي .
وبعد ألا يحق لنا الآن التساؤل..
من يُصلِح الملحُ إذا الملحُ فسد؟
من يُصلِح تعليم الطلبة إذا الجامعة فسدت؟
من يُصلِح الجامعات إذا منظومة التعليم فسدت ؟
من يُصلِح منظومة التعليم إذا الحكومة فسدت ؟
ومع الأسف يبدو أننا نعيش فعلاً في زمن انتهاك الحُرمات..
تجمع طلبة الرافدين في المهجر
2025/5/6
Leave a Reply