بين الرصاص والقلم: شهادة سودانية تحت نار الحرب وخذلان الدولة

بقلم د. سلمى نايل

اي مهازلَ هذه؟!أيُّ ظلمٍ أكبر من أن يحيا الطالب على أمل، ويكابد الصعاب، ويجتاز دروب الموت والدمار، فقط ليُكافأ في النهاية بصفعة إلكترونية باردة تُسقط اسمه من سجل النجاح؟!
في بلاد الحرب، حيث يتنازع الساسة على السلطة، ويتقاتل الجنرالات على الخراب، وقف طلابنا صامدين، شامخين، يحملون كفنهم في يد، وفي اليد الأخرى قلماً يكتبون به ما تبقى من أحلامهم.
ذهبوا إلى قاعات الامتحان لا على أكتاف الرفاهية، بل على ركام البيوت، بين أزيز الرصاص وهدير الطائرات
درسوا تحت الظلام، وراجعوا دروسهم على ضوء الشموع، حفظوا المعادلات ونصوص اللغة في ملاجئ النزوح وتحت أسقف الصفيح.
قاوموا الجوع، العطش، الخوف، وفقد الأحباب، ثم دخلوا الامتحانات كأنهم يكتبون وصيتهم الأخيرة على ورقة إجابة.
ثم ماذا؟
تُعلَن النتائج، فيركض الطالب إلى هاتفه المتصدع، يدخل رقم جلوسه، يتحسس الفرح، فيجد اسماً ليس اسمه، وجهداً لم يُحتسب له، ومستقبلاً سُرق منه كما سُرقت البلاد!
ثم يخرج علينا مسؤول ويقول ببلاهة: “خطأ إلكتروني”.
يا لهذا الاستخفاف!
من يُحاسب هذا “الخطأ” الذي اغتال أحلام الصابرين؟ من يُعيد كرامة الطالب التي ضاعت وسط فوضى الإهمال؟
ما جرى ليس مجرد خلل تقني، بل جريمة معنوية مكتملة الأركان، ووصمة عارٍ في جبين من تبقى من الدولة!
أبناؤنا لا يستحقون هذا الوجع.
من امتحن تحت القصف لا يجب أن يُهان تحت ظل مؤسسات فاشلة.
من كتب اسمه بالدم والعرق، لا يجوز أن يُمحى بزرٍّ واحد من موظف لا يعرف معنى التضحية.
نحن لا نملك إلا أن نرفع أصواتنا في وجه هذا العبث،
ونقول بأعلى ما في الصدر من غضب ووجع:
لا للحرب!
لا لتدمير مستقبل أبنائنا!
لا لتجريد الطالب من فرحته واستحقاقه!
نعم للعدالة… نعم للسلام… نعم لصوت الطالب الذي صمد حينما انهارت الدولة!

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.