من يُمسك بخيوط الهلال؟ الحقيقة وراء القرار الفردي

بقلم: عبدالعزيز المازري

مجلس إدارة الهلال… الحديث إليكم.

القرار بيد مَن؟
الهلال لا تنقصه الأموال، ولا الجماهير، ولا الشغف. ما ينقصه القرارات الصحيحة، والصدق في تقييم الواقع، والجرأة في التصحيح.

تمسّككم بالمشروع الفني الحالي، هل هو قرار مجلس إدارة كامل؟ أم قرار فرد؟
سؤال كبير نطرحه، ونعرف أن الإجابة عليه تكشف الكثير.
ثلاث سنوات مرّت، والمحصلة واحدة. الوجوه تتغيّر، التشكيلة تتبدل كل موسم، والنتائج لا تتقدّم.
ورغم ذلك، لا يزال الحديث عن “الاستقرار الفني” يُرفع كشعار.
أي استقرار هذا؟ وهل يُقاس الاستقرار بالزمن فقط؟!

الاستقرار الحقيقي لا يعني العناد… بل البناء المتراكم.
ولا يعني الحفاظ على وجود المدير الفني فلوران وطاقمه وبعض اللاعبين الذين انتهى عطاؤهم، بدعوى “الاستقرار”.
فذلك ليس إلا شكلاً زائفًا من الثبات، يُخفي وراءه الخوف من التغيير، أو الخضوع لقرار فردي.

الاستقرار الحقيقي هو أن تتراكم الجهود، وتُبنى الهوية، ويُختار مَن يُضيف، لا مَن يستمر فقط لأنه موجود.

فلوران مشكور على ما قدّم، لكنه لم يعُد قائد المشروع.

الحديث الآن لا يخص شخص المدرب فقط، بل المنهج.
هل الإبقاء عليه نابع من قناعة فنية جماعية؟ أم لأن القرار محصور في يد واحدة تُمسك بكل شيء؟
وهل من المنطق أن يستمر الفشل، ويتكرّر السيناريو، ونتفرّج على فرق تغيّر وتصحّح، بينما نحن ننتظر “نهاية العقد” بلا تدخّل؟

إذا كانت هناك موانع للتغيير، فهل هي موانع مالية؟
نعم، الحرب وويلاتها ألقت بظلالها على كل شيء.
لكن في مثل هذه الظروف، أليس الأجدر أن نُحسن الاختيار؟
أن نُعطي الأولوية للاستقرار الحقيقي لا الزائف؟
أن نراهن على الوطني لا على محترف فاشل يُرهق الخزينة، ثم يُغادر بلا أثر؟

ملف المحترفين بات عبئًا واضحًا.
فوفانا، بن زيتون، ضيوف، الموريتاني، وآخرون…
كم من محترف مرّ دون بصمة؟
كم لاعب أرهق الخزينة، وعاد مصابًا، أو غادر بالتراضي، أو بيع كاستثمار بلا كسب؟
كم لاعبًا وطنيًا مميزًا أُعير، بينما يُحافظ على أجنبي لأجل اسمه فقط؟
هل هذه رؤية؟ أم تخبّط مستمر؟!

ومن هنا، على مجلس إدارة الهلال أن يُنصت لصوت الجماهير.
لم تَعُد الجماهير تصدّق الشعارات، ولم تَعُد تنخدع بالكلام المنمّق.
انظروا إلى القروبات، الوسائط، الشارع الأزرق… ستجدون الوعي يسبق الفعل الإداري.

الجماهير تطالب بإعادة المعارين الوطنيين، وتدعيمهم بأجانب مؤثرين.
تطالب بثبات التشكيلة، وبناء فريق للمستقبل، لا فريق موسمي يُركّب كل عام من جديد.

الهلال لا يجب أن يُدار كحقل تجارب، ولا كملكية خاصة.
إنه مؤسسة رياضية كبرى، تستحق أن تُدار بالشورى لا بالقرار الفردي،
بالمكاشفة لا التلميع، بالاستماع لا التعالي.

وحتى نكون واضحين أكثر:

> الهلال، بعد عام، لن نجد له فريقًا ولا عظمًا إن ظلّ محطة عابرة لتلميع المحترفين وتجاهل الوطنيين.
لم تعد الفرحة بتسجيل “فلتة” أو نجم سابق زمانه تُسعد الأهلة. ما يسعدهم هو الاستقرار الحقيقي، هوية الفريق، وثبات البنية.

 

الهلال لا يحتاج إلى مَن يجمّله… بل إلى مَن يُصلّحه.
والمشروع الذي لا يُنتج سوى الخيبات لا يُسمّى مشروعًا، بل عنادًا.
فإما أن يكون القرار جماعيًا وشجاعًا، أو دعوا الجماهير تعرف مَن يُمسك بالخيوط وحده.

الهلال أكبر من كل فرد، وأبقى من كل إدارة.
وحتى ذلك الحين، ستظل الأقلام تكتب، والجماهير تهتف:

القرار بيد من؟

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.