
هذه الحرب التي تدور على أعتاب عامها الثالث بلا نتائج سوى مزيد من الدمار والخراب والموت المجاني، وبجرائم تدينها كل الشرائع السماوية وقيم الأرض والإنسانية بطرقها المبتكرة بالموت على الهوية والسحنات، أو ما يُعرف بـ”الأوجه الغريبة”، وما حدث كذلك في صالحة من قوات الدعم السريع بقتل المدنيين الأبرياء.
وسط هذه الحلقات الجهنمية، يظهر كل يوم الهدف الحقيقي لهذه الحرب العبثية…
اتضحت هذه الأهداف من أحاديث قيادات القوات المسلحة التي يطلقونها كل يوم، وكان آخرها ما تفوّه به قائد انقلاب 25 أكتوبر، البرهان، بعد عودته من زيارة سريعة إلى جمهورية مصر. حيث ذكر رئيس اللجنة الأمنية في حديثه، وعبّر عن عدائه للثورة، وقال بوضوح تام: (لا مجد للساتك، المجد للبندقية فقط).
هذا الشعار الذي أطلقه قائد الانقلاب، معبّراً به عن عدائه للثورة، والمعنيّ بها ثورة ديسمبر المجيدة ورمزية سلميتها – “اللساتك” – وتمجيد البندقية، بما يعني انتقال النهج الديكتاتوري التسلطي لخانة جديدة ستكون أشد عنفاً في مواجهة الثوار وشعارات الثورة وسلميتها، وقد تتصاعد وتيرة القمع التي سيحاول من خلالها البرهان وزمرته اقتلاع الإيمان الثوري بقوة البندقية…
وهذا النهج بات واضحاً حتى قبل حديث قائد الانقلاب، من خلال سلوك ما يُعرف بقوات العمل الخاص أو مليشيات “البراء” في مواجهة عضوية لجان المقاومة وصنّاع التكايا والناشطين عموماً…
الثورة كانت قوة إيمان وشعارات راسخة أدت إلى إسقاط نظام الإنقاذ بجبروته، ولم تكن الثورة حدثاً عارضاً حتى تُزال بالوعيد أو التهديد. إنها إرادة وعزيمة في نفوس الثوار، وإيمان راسخ في قلوبهم بأن لا بديل لطريق التحول الديمقراطي من أجل نهوض البلاد، إلا طريق التحول الديمقراطي وتحقيق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة لانتشال البلاد من هذه الهاوية السحيقة.
خطابات العداء للثورة تزيد من عزيمة الثوار الذين واجهوا الرصاص بصدور عارية وحناجر معبأة بالهتاف. ستكنس الثورة كل الطحالب التي تطفو على سطح الوطن، وتذهب بأعدائها إلى مزابل التاريخ…
وما تقوم به سلطة الأمر الواقع بتعيين المستلفين إسلامياً في الوزارات لا يثبت أركان الانقلاب…
إدامة الزخم الثوري واستنهاض القوى الحية في المجتمع وتنظيم الحركة الجماهيرية والنقابات من أجل إيقاف الحرب، وإسقاط العملية الانقلابية، وكنس كل ما نتج وترتب عليها، هو مطلب المرحلة الملحّ…
فليكن هدير الثوار في ديسمبر وأبريل ويونيو وسبتمبر هو طريق الثورة نحو تحقيق غاياتها…
لا للحرب، نعم للسلام