
بقلم: م. منعم مختار
#ملف_المرأة_والمجتمع
لطالما كانت الأعراف والتقاليد تحكم العلاقات الاجتماعية في السودان، وكان الزواج إحدى أهم هذه العلاقات. فالزواج في الثقافة السودانية يمثل ارتباطاً مقدساً بين رجل وامرأة، وجرت التقاليد والأعراف في السودان على أن يكون الرجل أكبر سناً من المرأة، حيث يُعد هذا الفارق في السن دليلاً على النضج والقدرة على تحمل المسؤولية. ولكن، في الآونة الأخيرة، ظهرت ظاهرة مثيرة للجدل، وهي زواج الفتيات من شباب أصغر منهن سناً.
ظاهرة جديدة في مجتمع تقليدي
بدأت الظاهرة في الانتشار بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، خاصةً في المدن الكبيرة. وأصبحت هذه العلاقات أكثر قبولاً، وتفهمتها بعض الأوساط الاجتماعية. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الظاهرة أكثر وضوحاً، حيث يشارك الأزواج والزوجات تجاربهم وآراءهم حول هذه العلاقات.
الأسباب وراء التغيير
يبدو للعيان أن هناك عدداً من الأسباب التي أدت إلى انتشار الظاهرة، بعضها تغيرات اجتماعية وأخرى اقتصادية؛ فقد أصبحت المرأة أكثر استقلالاً وحريةً في اختيار شريك حياتها. كما ظهرت التأثيرات الثقافية والاجتماعية التي تروّج للحرية الشخصية والمساواة بين الجنسين، وأصبحت من المفاهيم الرائجة بين الشباب.
كما أثرت كثيرٌ من التغيرات النفسية والشخصية؛ فقد أصبحت الفتيات أكثر نضجاً وثقةً في نفوسهن، وأصبحن يبحثن عن شركاء يشاركونهن حياتهن ويقدرون قيمتهن الحقيقية.
زواج المصلحة وتحدياته
يرى البعض في هذه الظاهرة زواج مصلحة للطرفين. ففي بعض الأحيان، يمكن أن تكون حلاً لمشكلة للطرفين، حيث تجد المرأة التي تجاوزت سن الزواج المعتادة شريكاً أصغر سناً يمكنه أن يساعدها في حياتها. وفي المقابل، يمكن أن يستفيد الشاب من الإمكانيات المادية للمرأة. هذا النوع من العلاقات يمكن أن يُطلق عليه “زواج مصلحة”، حيث يجد الطرفان مصلحة مشتركة في هذه العلاقة. وفي بعض الثقافات، يُطلق على المرأة التي تتزوج شاباً أصغر سناً مصطلح “مامي شوجر”، حيث تقدم المرأة الدعم المالي والعاطفي للشاب في مقابل الرفقة والعلاقة العاطفية.
مواقف المجتمع: بين القبول والرفض
بعض فئات المجتمع السوداني ما زالت تحتفظ بالتقاليد والأعراف القديمة، وهناك الكثير من الانتقادات اللاذعة التي طالت هذه الظاهرة. فالبعض ينظر لها على أنها علاقة غير طبيعية وتتعارض مع القيم الاجتماعية، والبعض الآخر يراها مقبولة إذا كانت مبنية على الحب والاحترام المتبادل، والتوافق النفسي والاجتماعي. ولكن، من الممكن أيضاً أن تفشل إذا كانت هناك فروق كبيرة في السن أو في القيم والتقاليد، أو انعدم التفاهم والانسجام بين الطرفين.
الخاتمة: سؤال للمستقبل
أخيراً، يبقى السؤال حول إمكانية الرجوع إلى الأعراف التي تحكم الاختيار والارتباط والزواج عند السودانيين. وهل ستعود هذه العلاقات إلى طبيعتها التقليدية، أم ستستمر في التطور والتغير؟ وهل تتوقف عند المدن الكبيرة أم ستصل إلى الريف والقرى؟
Leave a Reply