الكوليرا تفتك بالمساجين والمعتقلين داخل سجن مدينة ود مدني

يعاني الأسرى داخل سجن ود مدني، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، من ظروف مأساوية في مراكز الاحتجاز التابعة للجيش، وسط تقارير عن حالات اختفاء قسري ووفيات ناجمة عن الأوضاع غير الإنسانية وعمليات الإعدام خارج نطاق القانون.
‏‎تأتي هذه المعاناة في ظل التطورات العسكرية الأخيرة، حيث تمكن الجيش من استعادة السيطرة على مدينة ود مدني وأجزاء واسعة من ولاية الجزيرة بعد انسحاب قوات الد.عم الس.ريع.
يذكر أن قوات الد.عم الس.ويع في 19 ديسمبر 2023، دخلت عاصمة ولاية الجزيرة دون ق-تال بعد انسحاب الجيش وما يسمى بالمستنفرين ومليشيا تابعة لما يسمى بالحركة المتأسلمة من المدينة وترك المواطنين عرضة للانت-هاكات.
‏‎وتداول ناشطون وجنود في الجيش مقاطع فيديو أظهرت سجناء في حالة جسدية ونفسية سيئة، مما يدل على المعاملة القاسية التي تعرضوا لها في السجن.
‏‎وتشير شهادات من مصادر في العثور على جثث داخل السجن بسبب انتشار مرض الكوليرا وغياب الخدمات الصحية في مشهد يعكس حجم الانته-اكات المروعة التي يتعرض لها المعتقلين.
‏‎وشملت قائمة المعتقلين أطباء، ومهن أخرى ومدنيين، تعرضوا للتعذيب والحرمان من الغذاء والرعاية الصحية، مما أدى إلى وفاة العديد منهم بزعم التعاون مع قوات الد.عم الس.ريع.

في الوقت ذاته، تتواصل معاناة عائلات المختفين قسرًا، حيث تستمر جهود الأسر للعثور على ذويها الذين لم يُعثر عليهم حتى الآن. لجأ الأهالي إلى إنشاء صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر صور وأسماء المفقودين، على أمل الحصول على أي معلومات تفيد بمصيرهم، سواء كانوا أحياءً أو موتى، فيما انتشرت فيديوهات لإعدامات في الساحات العامة وفي الأحياء السكنية وفي الكنابي وغيرها.
في تقرير صادر عن المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وُجهت اتهامات لكل من قوات الد.عم الس.ريع والقوات المسلحة بممارسة الاعتقال التعسفي وسوء معاملة المعتقلين في الخرطوم، خلال الفترة الممتدة من أبريل/نيسان 2023 وحتى يونيو/حزيران 2024.
‏‎وأشار التقرير إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال، احتُجزوا دون توجيه تهم لهم، مع انعدام أي اتصال بذويهم.
‏‎وفقًا لشهادات أدلى بها مُعتقلون، تعرضوا لضرب مبرح ومتكرر في ظروف احتجاز قاسية تفتقر إلى التهوية وخدمات الصرف الصحي، وسط نقص حاد في الطعام والماء. كما أكدوا وفاة عدد كبير من المحتجزين بسبب غياب الرعاية الطبية في تلك المراكز.
اللافت أن هذه الانت-هاكات لم تقتصر على قوات الد.عم الس.ريع، بل سُجلت أيضًا في مراكز احتجاز تابعة للقوات المسلحة.
وحسب مصدر فضل حجب اسمه, أن الكوليرا بدت تنتشر وتتفشى داخل سجن مدينة ود مدني، ووصل عدد المتوفين بسبب الكوليرا أكثر من 42 سجينا، ومئات المصابين.
وأشار إلى أن السبب في انتشار الكوليرا بهذا الشكل داخل السجن، هو انعدام المياه، وحرمان المساجين من الماء بعد قضاء حاجتهم في الحمامات الطافحة أصلا، بالإضافة لتراكم الأوساخ داخل السجن، مما أدى لتكاثر الذباب وانتشاره في السجن.
وقال المصدر أنه عندما بدأت تظهر حالات الكوليرا، رفضت إدارة السجن حتى عزل المصابين عن بقية المساجين في العنابر.
وكشف المصدر أن إدارة السجن أجبرت عدد من الكوادر الطبية من المعتقلين تحت مسمى متعاونين، بالعمل في عنبر العزل.
قانونيون وصفوا ما يحدث في سجن مدينة ود مدني بأنه كارثة إنسانية وج-ريمة وانت-هاك واضح لحقوق الإنسان، وتجاوز لقانون السجون الذي يجرم التعذيب وحرمان السجناء من العلاج وتوفير سبل العيش الكريم والمياه النظيفة.