يوميات انتفاضة مارس ابريل 1985احداث اليوم السابع

يوميات انتفاضة مارس ابريل 1985

احداث اليوم السابع

الأثنين 1 أبـريـل 1985

في صبيحة هذا اليوم صدرت صحف النظام وهي تحمل العناوين التالية:

-سلطات الأمن تداهم وكرا داخل جامعة الخرطوم وتلقي القبض على مجموعة من البعثيين والشيوعيين..

-أمن الدولة اكتشف الوكر داخل جامعة الخرطوم واعتقل مجموعة من قادة الطلاب ذوي الاتجاهات العقائدية اليسارية في حالة اجتماع..

-العثور على ماكينات رونيو ومعدات طباعة وبعض المنشورات المعادية..

-تقديم المتهمين للمحاكمة أمام محاكم أمن الدولة..

– مسودات وبيانات مزورة في الوكر بأسماء مساعدي التخدير وفنيي الأشعة ونقابة الأطباء وما يسمى بتجمع الشرطة..

-أجهزة الأمن ترصد بدقة محاولات الفئات المعادية من الأخوان والشيوعيين والبعثيين لزعزعة الاستقرار الداخلي وإثارة الفتنة..

لقد ادعت أجهزة الأمن إن دار اتحاد طلاب جامعة الخرطوم وكرا، واعتقلت الآتية أسماءهم:
عمر يوسف الدقير، رئيس الاتحاد
ناهد جبر الله سيد أحمد، سكرتير عام الاتحاد
محمد سعيد محمد السيد، عضو المجلس الأربعيني
محمد إبراهيم محمد، عضو المجلس الأربعيني
المنتصر أبو صالح، عضو المجلس الأربعيني
على الهادي أحم، كلية الفنون الجميلة
عمر صالح محمد نور، رابعة علوم
قاسم محمد صالح حسن، ثالثة قانون
عبد الرحمن البشير علي، ثالثة قانون
محمد الرشيد محمود، عضو المجلس الأربعيني
مجدي إسحاق أحمد، سادسة طب
أحمد آدم أحمد، ثالثة آداب
علي الأمين محمد الحاج، كلية الفنون الجميلة.
كما اعتقلت أجهزة الأمن كل من: صلاح حسن مصطفى، نعمات أحمد مالك، موسى عبد الله، الذين قالت عنهم أنهم كانوا في طريقهم للاجتماع. واعتقلت صديق الزيلعي المعيد بكلية الاقتصاد جامعة الخرطوم، وقالت عنه: “إنها وجدت بحوزته بيانا باسم نقابة المهندسين السودانيين” والتي وصفتها بالمحظورة، وأعلنت أجهزة الأمن أنها قد بدأت تحرياتها مع المعتقلين توطئة لتقديمهم أمام محاكم أمن الدولة..

ومن ناحية أخرى تم الإعلان عن أن المكاتب التنفيذية للمنظمات الجماهيرية والفئوية قد عقدت اجتماعا بدار الإتحاد الاشتراكي برئاسة محمد عثمان أبو ساق الذي ألقى كلمة في بداية الاجتماع، تحدث فيها عن “أحداث آخر مارس المشؤومة، التي وقعت بالعاصمة القومية والتي اتسمت بظاهرة استغلال الوافدين والمتشردين والعاطلين للنيل من “مكتسبات الشعب والثورة” ـ على حد تعبيرهم ـ مشيرا إلى أن هذا العمل العدائي يدار بواسطة الأخوان المسلمين والبعثيين والشيوعيين وتهدف إلى التدمير والسلب والخراب..

وعلى صعيد آخر تم الإعلان عن أن الخرطوم ستشهد يوم غد الثلاثاء “مسيرة سياسية هادرة ” تضم جماهير قوى التحالف من عمال ومزارعين ومثقفين وقوات نظامية وتجار ورجال أعمال ونساء وشباب، حيث تلتقي بميدان الشهداء في التاسعة صباحا ويخاطبها الرشيد الطاهر بكر، وأبو القاسم محمد إبراهيم، وبابكر عبد الرحيم الأمين العام للاتحاد الاشتراكي بالإنابة، وقالوا عنها إنها ستكون مسيرة الردع!

وفي المعسكر الآخر.. معسكر الجماهير وقواها الطليعية كانت تدور أشياء أخرى.. فالاتصالات مستمرة من أجل أن ينتظم الجميع في الإضراب السياسي العام والعصيان المدني.

في هذا اليوم الأول من أبـريـل، أصدر الحزب الاتحادي الديمقراطي بيانا مطولا.. هـذا نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم
بيان من الحزب الاتحادي الديمقراطي
لقد ظل موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي واضحا وثابتا منذ أن تمرد نفر من العسكر على السلطة الشرعية في البلاد في 25/5/1969 فأقاموا حكم الفرد الدكتاتوري الدموي.
فقد أعلن نظام مايو ومنذ قيامه الحرب على جماهير الشعب السوداني مدعوما بقوى أجنبيه تتغير ألوانها من الأحمر القاني الى الأصفر الباهت، وظل يرفع الرايات من اشتراكية علمية، الى الشريعة الإسلامية الغراء، فسقطت كل راياته بعد أن تكشف لجماهير شعبنا إن النظام إنما يتاجر بتلك الرايات لبقاء سلطته ولو الى حين حتى يجد راية اخرى يلوح بها من جديد.
لقد ظل الحزب الاتحادي الديمقراطي يؤمن استراتيجية ومبدأ إن أغلى غاية هي الإنسان السوداني، والوسيلة للتقدم والنمو والتنمية هي الإنسان السوداني، ولابد أن يكون الإنسان سليما ومعافا. إن الإنسان الذي حرم من حرية الإعتقاد مريض، والإنسان الذي لا يستطيع أن يعبر عما يعتقد مريض، والإنسان الذي لا يستطيع أن يدعو إلى ما يعتقد مريض، وإن حرية الإعتقاد والتعبير عنه والدعوة إليه لا تتم إلا عبر الديمقراطية اللبرالية والقائمة على تعدد الأحزاب.
ولما كان نظام مايو قد صادر الحريات الأساسية وملأ سجونه بالمعتقلين وظلت أمجاده التي يعلن عنها هي القتل والقهر والتصفية وظل يفاخر بعنفه وجبروته، فقد غاب الإنسان السوداني، وكان طبيعيا أن يتدنى الحال إلى هذا الدرك السحيق وعلى سبيل المثال لا الحصر:
أولا: أصبح نظام مايو ذليلا للقوى الأجنبية، فاقتصاده يوجهه ويسيطر عليه صندوق النقد العالمي والبنك الدولي، وتوجهاته الخارجية تتحكم فيها أمريكا، ولعل التزلف الذي استقبل به نائب الرئيس الامريكي قد أبان لجماهير شعبنا مدى الهوان الذي وصل اليه نظام الحكم.
ثانيا: أصبح السودان قاعدة للنفوذ الأمريكي يجول فيها بمناوراته العسكرية وطائرات التجسس، حتى أن أمريكا بدأت اتصالات مشبوهة لتعد العدة لتجميل صورة مايو بإدخال بعض أعوانها حتى لا يكون البديل وطنيا وخارجا عن دائرة الجذب والإستقطاب الأمريكي.
ثالثا: شارك النظام في ترحيل اليهود الفلاشا إلى (إسرائيل) للإنضمام لجيش العدوان الإسرائيلي، على الرغم من نفي النظام إلا أن ذلك النفي دليل إدانة، فان كنت لا تدري وهكذا أصبحت الخرطوم الصامدة قاعدة اللاءات الثلاثة الشهيرة التي قاتل من أجلها الرئيس إسماعيل الأزهري، أصبحت بطانة للعدو الصهيوني.
رابعا: لقد هان أمر شعبنا على النظام فتآمر مع الولايات المتحدة الأمريكية لدفن النفايات الذرية في صحراء دارفور وبين وديام مجهول وشندي وهوار، وهذه النفايات لم تدفنها أمريكا في صحراء نيفادا الأمريكية، ولكنها بحثت عن بلد حسبت باطلا إن اهله أيتام وحكامه متساقطون هينون، فأتفقت مع نظام مايو على دفن النفايات الذرية لتشع منها الإشعاعات القاتلة إلى مجاري المياه والتي تصل إلى أقصى الشمال والشرق والجنوب لتسقي الموت والتشوه لأجيالنا، فتصبح السودان دولة من المعوقين والمشوهين المتخلفين.
خامسا: لقد استشرى الفساد حتى أضحى ديدن الحكم وسمته على أعلى المستويات فقامت طبقة طفيلية من الأثرياء يغدق عليهم النظام الأنواط والأوسمة.
سادسا: إرتفعت الأسعار بدرجة جنونية، وإنعدمت السلع الضرورية وتدنى سعر العملة الوطنية حتى وصل الجنيه إلى دون العشرة قروش.
ففي خلال شهر فبراير الماضي إنخفض سعر الجنيه، ليصبح سعر الدولار الرسمي 250 قرشا، وسعر الصراف الرسمي 316 قرشا، بتخفيض بلغ حوالي 29% مرة، بينما سعر السوق الأسود للدولار خمسة جنيهات، وأصبح سعر الجمارك 250 قرشا بدلا من 130 قرشا للدولار، الأمر الذي أدى حسابيا إلى زيادة الأسعار بنحو 100% خلال شهر واحدـ فاذا أضيف إلى ذلك إنعدام السلع فإن الزيادة تتجاوز ذلك بكثير.
سابعا: إن السودان المرشح ليكون سلة الغذاء في العالم أضحى بفعل مايو أحد 12 دولة في العالم الثالث مرشحة للفناء بالمجاعة، وإن الديون الخارجية التي تجاوزت 8 مليار دولار ولم تصرف على التنمية يستغرق سدادها 22 عاما لو خصص كل الصادر لسداد المديونية دون إستيراد شئ.
ولو قسمت المديونية الخارجية على كل رأس آدمي في السودان لكانت مسؤولية كل فرد واحد 500 دولار.
إن نظام مايو بدل إحتواء التضخم أصبح يزيد في كل فترة الاسعار بصورة ونسبة تكشف مدى احتفاره للشعب السوداني وتجاهله لوجوده.
وآخر تلك الزيادات، ولن تكون الأخيرة هي زيادة سعر البنزين بنسبة 66% وزيادة جالون الجازولين بنسبة 75% وزيادة سعر الرغيف (بعد زيادات وتخفيضات الوزن سابقا) بنسبة 37% وما يتبع ذلك من زيادة باهظة في تكاليف الخدمات والمواصلات والزراعة، وكافة السلع بينما يظل الدخل ثابتا كما كان، فالزيادة المقررة في المرتبات لا تغطي 3% من الزيادات التي طرأت على الاأسعار مما يؤدي الى الجوع.
ثامنا: لقد أدت سياسة النظام إلى إندلاع حرب طاحنة في جنوب البلاد ضد نظام مايو راح ويروح ضحيتها الألاف من أبناء هذا الشعب الأوفياء من جنود وضباط ومواطنين دون جريرة غير تخبط نظام مايو في سياسته الرعناء.
إن الحزب الاتحادي الديمقراطي ظل يدعو إلى نظام حكم إقليمي ديمقراطي في الجنوب منذ مؤتمر المائدة المستديرة ولجنة الأثني عشر عام 1965 فأنحصر الخلاف حول عدد الأقاليم، ومرد ذلك الخلاف عدم الثقة بين الأطراف والتي كان لها ما يبررها وقتها، فجاءت إتفاقية أديس أبابا بما أتفق عليه في لجنة الأثني عشر، وحسم الخلاف حول عدد الأقاليم لصالح اقليم واحد، فوافق الحزب على ما جاء في تلك الإتفاقية، ولكن كنا على يقين من فشل تنفيذ تلك الإتفاقية إذ أن نظام الحكم الإقليمي الديمقراطي لا يحقق مراميه في الديمقراطية و التنمية إلا في ظل نظام ديمقراطي ليبرالي إذ لا يعقل أن يسمح نظام مايو الديكتاتوري الغاشم بالحرية في الجنوب، بينما يسحق الشعب في الشمال، ولا يمكن أن يحقق تنمية في الجنوب بينما هو قد دمر وأفشل كافة مشاريع التنمية في الشمال.
ولقد تحقق ما قلناه فتخلى نظام مايو عن الإتفاقية وحاول أن يطبق نظام الحكم الإقليمي الذي إبتدعه دون مبرر في الشمال على الإقليم الجنوبي.
إن ما يحدث الآن في الجنوب ينبغي أن يكون موجها ضد نظام مايو وضد نظام حكم الفرد المستبد، بهدف تحقيق الحرية والديمقراطية لكل السودان، وبهدف تأكيد وحدة التراب السوداني، وإستقلال البلاد التام، وبهدف تحقيق وحدة النضال بين فصائل المعارضة في شمال البلاد وجنوبها، فقد تجاوز شعبنا بعد هذه المعاناة مرحلة الإقتتال بين أفراد الشعب الواحد، فلم يعد من عدو غير نظام مايو الديكتاتوري..
تاسعا: لقد تدثر نظام مايو بالشريعة الإسلامية الغراء، وقد أصدر الحزب بيانا ضافيا في 18/10/1983. أبان فيه إلتزامه بشرع الله منذ بداية عهد الاستقلال، وعدد مواقفه العديدة وأوضح إن ما يجري في السودان هو تشويه لشرع الله فالإسلام ليس حدودا ولا عقابا وجلد، ولكنه نظام متكامل يدعو إلى الرحمة والعدل والحرية والديمقراطية والمساواة ويحارب التجسس ويجاهد الظلم، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الناس إذا رأوا الظلم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه).
لقد صار الإسلام الحنيف سيفا في يد السلطة تشهره في وجه خصومها ويتسلق به آخرون إلى مواقع السلطة، فكان هذا الصراع الأخير مع الإخوان المسلمين الذين تركوا الصف الوطني ليلحقوا بالسلطة فكان جزاهم.
لقد أصاب الإمام إبن تيمية عندما قال (ليس إماما للمسلمين أو امينا على شرع الله من يطلب الشريعة ليؤسس بها نفسه سلطانا باقيا).
عاشرا: لقد إنهار القضاء وغاب حكم القانون وسعى النظام لتصفية خصومه عبر قضاء تابع، إعتقال تعسفي بالجملة.
إن نظام مايو قد تحلل ووصل إلى طريق مسدود ولابد من مشاركة جميع قوى شعبنا الوطنية المخلصة للإطاحة به وإحلال البديل الديمقراطي اللبرالي الذي يعيد الصحة والعافية للإنسان السوداني، لينطلق ليمحو العار الذي لحق بأمتنا، ويطهر مجتمعنا من أدران الفساد، ويحمي استقلال البلاد من التبعية، ويحقق التنمية، ويعيد العدل والحرية والمساواة وسيادة حكم القانون.
إن تجمع الشعب السوداني الذي إنضوت تحت لوائه قوى شعبنا الوطنية في شمال البلاد وجنوبه يجسد آمال وتطلعات شعبنا ويقدم البديل الوطني التقدمي المرتكز على قيم الخير والحرية و الديمقراطية، وإننا ندعو كافة القوى للعمل الشجاع من أجل ازالة نظام مايو بالانتفاضة الشعبية والاضراب السياسي في ملحمة وطنية تعيد أمجاد الأباء والأجداد.
-(عاش الحزب الاتحادي الديمقرطي)
-(عاش كفاح شعبنا البطل)

الحـــــــزب الاتحـــــــــــــــــــــادي الديمقــــــــــــــــراطي
1/4/1985م.

ومن ناحية أخرى أصدر حزب البعث العربي الاشتراكي ـ قطر السودان بيانا جاء فيه:

حزب البعث العربي الاشتراكي
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة

بيـان مهم..
حزب البعث يدعو كل الشعب لإنجاح الاضراب السياسي العام والعصيان المدني والحرص على وحدة جبهة الشعب.

حزب البعث يدعو كل الشعب لإسقاط حكم الفرد الواحد الذي سرق قوت الشعب وباع الوطن.

يا جماهير شعبنا البطل:
الشعب يتجمع ويجمع على تصعيد انتفاضة مارس 85 ويتعاهد على أن تكون انتفاضة اليوم هي انتفاضة الحسم والظفر والنصر وخاتمة لنضالات جسورة وانتفاضات ممهورة بالدم على مدى ستة عشر عاما، شارك فيها العمال والطلاب والجنود والزراع والمثقفين كافة، لم تتخلف عنها مدينة أو قرية ، في شمال وجنوب السودان الحبيب.
ستة عشر عاما من المقاومة البطولية الفذة، في مواجهة أحلك فترة من تاريخ بلادنا القديم والحديث، تسلط فيها على الشعب والجيش نظام استبدادي فردي دكتاتوري قمعي دموي حقير سرق قوت الشعب في وضح النهار وافتقر لكل إحساس بالمسؤولية في مواجهة المجاعة التي تفتك بالملايين من أبناء الشعب.
مزق وحدة الوطن وأشعل الحرب بلا رحمة في الجنوب، دنس أرض السودان واستباح الوطن لقوى الإمبريالية الأمريكية وطائراتها التجسسية، بعد أن رهن مقدرات البلاد الاقتصادية، تمرغ في تراب الذل والعمالة والتواطؤ مع العدو الصهيوني، ومع كل ذلك يمعن في احتقاره واستخفافه بالشعب، واستهتاره بالمقدسات والقيم والأخلاق والكرامة الوطنية..
هكذا توهم السفاح نميري وطغمته المايوية بأن شعب السودان مستكين لا يستحق منهم سوى السوط والذل والإهانة، فوصفوا شهدائه بالمرتزقة، ومناضليه الشرفاء بالعملاء، وأبناء الكادحين المسحوقين تحت وطأة المجاعة والفساد والظلم الاجتماعي وصفوهم بالمتشردين والمتبطلين والمتسكعين وانكروا عليهم حقهم في الانتماء لوطنهم، ضربوهم بالرصاص فتساقط شهدائهم، واعتقلوهم عشوائيا بالآلاف في أسوأ امتهان لكرامة الإنسان دون أن يوفروا لهم ظل يحميهم من لهب الشمس أو وجبات تسد الرمق، ثم حشروا في القطارات لتقذف بهم في مدن الغرب النائية ليواجهوا مصيرا مجهولا.
هكذا تتساقط الأقنعة وينكشف وجه مايو القبيح ولا تنجح ادعاءات الكذب حول دور وهمي لجماعة الأخوان المسلمين الساقطة في خلق الانتفاضة، فالانتفاضة انتفاضة الجياع والعمال والمعدمين قد تصاعدت بفضل عطبرة والحركة الطلابية وأطباء الخرطوم الذين تمكنوا بموقفهم الصلب والشجاع من جذب القوى المنظمة والنقابية والجماهيرية والسياسية إلى قلب الانتفاضة الشعبية، وكان تصاعد الانتفاضة وتصلبها نتيجة طبيعية لتراكم النضال الوطني الجسور على مدى ستة عشر عاما، ولوطأة الأزمة العامة التي تجاوزت كل حدود الاحتمال والصبر.
وقد اكتسبت الانتفاضة تأييد واحترام كل الشعب وبشكل خاص القوات النظامية (القوات المسلحة، قوات الشرطة، وقوات السجون) التي هي جزء لا يتجزأ من هذا الشعب، وتعاني بنفس القدر من وطأة الأزمة وفوق ذلك يدفع بها السفاح النميري قسرا وبقسوة في أتون حربه الضارية ضد المعارضة والمواطنين في الجنوب بينما أدرك جيشنا وشعبنا منذ اللحظة الأولى أن المعركة الحقيقة هي معركته ضد نظام الدجال نميري.
إن حزب البعث العربي الاشتراكي يدعو الشعب بكافة فئاته للالتفاف حول الانتفاضة والعمل بكل الجهود لإنجاح الإضراب السياسي العام والعصيان المدني والحرص على وحدة جبهة الشعب لإسقاط حكم النميري الذي سرق قوت الشعب وباع الوطن، ولنهتف بملء الحناجر:

مليون شهيد لنظام جديد..

جيش واحد، شعب واحد، وطن واحد..

يا زراع يا عمال ثوروارثوروا على الدجال..

لا لأخوان الشيطان، لا لخميني السودان..

يا خرطوم ثوري ثوري ضد الحكم الدكتاتوري..

عائد عائد يا أكتوبر،

لن يحكمنا البنك الدولي..

من الفرات حتى النيل ضد أمريكا وإسرائيل..

الصليب والهلال ضد نميري الدجال..

ثورة ثورة حتى النصر..

-المجد للسودان والخلود للشهداء..
وإن ينصركم الله فلا غالب لكم

حزب البعث العربي الاشتراكي
الخرطوم في 1/4/1985

يتبع…
إلى اللقاء في الحلقة القادمة مع أحداث يوم االثلاثاء الثاني من أبريل 1985