الجنيه فقد أكثر من 560% من قيمته منذ الحرب ارتفاع قياسي في أسعار السلع الاستهلاكية يضرب أسواق الخرطوم ويزيد معاناة المواطنين

صحيفة الهدف

الجنيه فقد أكثر من 560% من قيمته منذ الحرب
ارتفاع قياسي في أسعار السلع الاستهلاكية يضرب أسواق الخرطوم ويزيد معاناة المواطنين
تقرير: راما عبد الله
#ملف_الهدف_الاقتصادي
يواجه الاقتصاد السوداني واحدة من أكثر مراحله قتامة منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، حيث تحولت الأسواق الموازية إلى ساحة مشلولة تماماً في حركة النقد، مع ارتفاع غير مسبوق في معدلات الدولرة، بينما ساهمت القرارات الحكومية المتناقضة في تعميق حالة التخبط الاقتصادي. ويؤكد خبراء الاقتصاد أن الانهيار الحاد للجنيه السوداني هو العامل الرئيسي وراء موجة الغلاء الحالية، إذ فقد الجنيه أكثر من 560% من قيمته منذ الحرب، ما أدى إلى زيادة كبيرة في تكلفة الاستيراد وارتفاع أسعار السلع الأساسية والنقل والطاقة، وزيادة معاناة المواطنين في تأمين احتياجاتهم اليومية.
تشهد أسواق الخرطوم موجة حادة من الغلاء في السلع الاستهلاكية الأساسية، إذ بلغ سعر جوال السكر (50 كيلوغراماً) نحو 145 ألف جنيه، ووصل جوال الدقيق إلى نحو 150 ألف جنيه، في حين ارتفع سعر زيت الطعام إلى نحو 110 آلاف، وجوال العدس (20 كيلوغراماً) إلى نحو 70 ألف جنيه، وارتفعت أسعار صلصة الطعام إلى نحو 55 ألف جنيه. وفي المقابل، شهدت بعض السلع انخفاضاً طفيفاً، مثل رطل البن الذي تراجع من نحو 9600 جنيه إلى نحو 8100 جنيه، والشاي من نحو 140 ألف جنيه إلى 127 ألف جنيه. وأظهرت بيانات جهاز الإحصاء المركزي أن أسعار السلع الاستهلاكية ارتفعت بنسبة 108.80% خلال أبريل 2025 مقارنة بالعام السابق، فيما بلغ معدل التضخم العام في أكتوبر نحو 77.40% مقارنة بـ83.47% في سبتمبر، مع تفاوت بين المناطق الحضرية (83.37%) والمناطق الريفية (74.76%). ويقيس جهاز الإحصاء التضخم عبر 663 سلعة تمثل نمط استهلاك المجتمع ضمن 12 مجموعة رئيسية، تتصدرها الأغذية والمشروبات بنسبة 52.89% من دخل الأسرة، تليها مجموعة السكن والمرافق بنسبة 14.17% والنقل بنسبة 8.34%. وبينما انخفضت بعض المجموعات مثل الاتصالات (-16.93%) والصحة (-13.39%)، ارتفعت أسعار السكن والمرافق إلى 72.80% والمطاعم والفنادق إلى 47.69% خلال أكتوبر.
وفقاً لتقارير دولية، تم خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 من 2.5% إلى 1.9%، مع التأكيد على أن الاقتصاد سيظل بعيداً عن مستويات ما قبل الحرب نتيجة التضخم المفرط وتراجع الطلب المحلي. وأظهرت بيانات منتصف نوفمبر أن الدين العام ارتفع إلى 272% من الناتج المحلي، فيما بلغ معدل البطالة 20.8%، وهو الأعلى منذ عقدين. كما أشار البنك الدولي إلى أن السودان يواجه اقتصاداً بلا عملة، بعد أن فقد الجنيه وظيفته الأساسية في ظل غياب الغطاء النقدي والاحتياطي الفعّال. وأكدت دراسة حديثة لـ”IFPRI” و”CGIAR” أن الحرب أدت إلى انكماش الناتج المحلي بنسبة 42% منذ 2022، مع ارتفاع معدلات الفقر من 21% إلى 71%، ما يجعل السودان أحد أكثر الاقتصادات هشاشة على مستوى العالم.
وفي السوق الموازي، سجلت أسعار العملات مستويات قياسية، إذ بلغ سعر الدولار الأمريكي 3800 جنيهاً للبيع و3700 للشراء، بينما وصل الإسترليني إلى 5000 جنيهاً للبيع و4868 للشراء، واليورو إلى 4418 للبيع و4302 للشراء، مقارنة بسعر الدولار الذي كان عند 560 جنيهاً قبل الحرب، أي بزيادة تقارب 560% خلال عامين ونصف. وأدى إعلان البنك المركزي إصدار فئة جديدة بقيمة 2000 جنيه دون غطاء نقدي إلى إشعال السوق الموازي قبل تداولها فعلياً، حيث سارع المتعاملون إلى شراء الدولار تحسباً لانهيار أعمق للجنيه، ما انعكس فوراً على أسعار السلع الأساسية، وزاد الضغوط المعيشية على المواطنين، وقلص القدرة الشرائية بشكل كبير.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.