موقف تضامني عالمي مع فلسـ.ـطين

صحيفة الهدف

د. يوسف مكي​​​​​​​​​​

لم تكتسب قضية فلسـ.ـطين، منذ النكبة عام 1948، حضورًا عالميًا كالذي نشهده الآن في بقاع كثيرة من الكرة الأرضية. وكانت نتيجة ذلك، أن الكـ.ـيان الذي ظل باستمرار يرفع عقيرته بحق كل من يعارض سياساته، موجهًا تـ.ـهمة العداء للسامية، لقد نقلت حرب الإبادة والقتل والتجويع والتعطيش التي مارستها الإدارة اليمينية (الإسـ.ـرائيلية)، إلى مستوى مختلف، كشف زيف دعاوى الاحـ.ـتلال، وخطل مقولاته.

وحتى يوم الجمعة المنصرم، كان العالم كله يصطف في جانب واحد، والولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب، وحكومة نتـ.ـنياهو في جانب آخر، يؤكد ذلك التـ.ـظاهرات والاحـ.ـتجاجات التي عمت الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية، والقارة الأوروبية. وكان الأبرز في حركة التضامن هي أساطيل الحرية التي شملت أكثر من أربعين سفينة، والمواقف الشجاعة للشعبين الإسباني والإيطالي. لقد مارس الشعبان في البلدين، ضغوطًا هائلة على حكومتيهما لتغيير سياستها تجاه الممارسات العنـ.ـصرية وحرب الإبـ.ـادة التي مارستها (إسـ.ـرائيل) بحق الشعب الفلسـ.ـطيني.

اكتشف الرئيس الأمريكي، ترامب، حجم الخسائر التي لحقت بسمعة بلاده، جرّاء الانحياز الأعمى لسياسة رئيس الحكومة (الإسـ.ـرائيلية) نتنياهو، وقرر قلب الطاولة رأسًا على عقب. طالب بوقف قـ.ـصف قطاع غـ.ـزة فورًا، من أجل السماح بالإفراج عن المحتجزين، واعتبر أن بيان حركة حمـ.ـاس مؤشرًا على أنهم مستعدون لسلامٍ دائمٍ.

جاء حديث ترامب، عقب إصدار حمـ.ـاس، بيانًا أكدت فيه موافقتها على الإفراج عن كل الأسرى، أحياء وجثامين، وفقًا لخطة الرئيس الأمريكي التي أعلن عنها في وقت سابق. من جانبه، أوضح ترامب أن النقاش جارٍ بشأن التفاصيل التي تتطلب العمل عليها لتنفيذ خطة إنهاء الحـ.ـرب في غـ.ـزة. وأكد أن الأمر لا يتعلق بغـ.ـزة فحسب؛ بل بالسلام الذي طال انتظاره في الشرق الأوسط.

في كلمة ألقاها، من المكتب البيضاوي؛ أشاد ترامب بالحلفاء الذين ساهموا بالعمل على التوصل إلى اتفاق بين حـ. ـماس و(إسـ.ـرائيل)، وقال هذا يوم مميز وغير مسبوق. وأعاد قوله إن يوم الجمعة مميز للغاية. وتعهد الرئيس ترامب، بأن يجري التعامل مع جميع الأطراف بإنصاف، بموجب خطته للسلام، وجدد القول بأنه يتطلع إلى إعادة المحتجزين إلى عائلاتهم. ووجه الشكر إلى قطر وتركيا والسعودية ومصر والأردن وعددًا من الدول الأخرى، لم يسمها، قائلاً: أشكر الدول العظيمة التي ساعدت بشأن غـ.ـزة، وتلقيت قدرًا هائلًا من الدعم. الجميع كان موحدًا في الرغبة في إنهاء الحـ.ـرب، ورؤية السلام في الشرق الأوسط.

وعقب إعلان مبادرة الرئيس ترامب، أصدرت حمـ.ـاس، بيانًا هامًا أوضحت فيه؛ أنه حرصًا منها على وقف العدوان وحرب الإبـ.ـادة التي يتعرض لها أهلنا الصامدون، في قطاع غـ.ـزة، وانطلاقًا من المسؤولية الوطنية، وحرصًا على ثوابت شعبنا وحقوقه ومصالحه العليا؛ فقد أجرت حركة المقاومة الإسلامية “حمـ.ـاس”، مشاورات معمقة في مؤسساتها القيادية، ومشاورات واسعة مع القوى والفصائل الفلسـ.ـطينية الأخرى، ومشاورات مع الإخوة الوسطاء والأصدقاء، للتوصل لموقف مسؤول في التعامل مع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وبعد دراسة مستفيضة، فقد اتخذت الحركة قرارها، وسلمت للإخوة الوسطاء ردها التالي:

(تقدر حركة المقاومة الإسلامية “حـ.ـماس” الجهود العربية والإسلامية والدولية وجهود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الداعية إلى وقف الحـ.ـرب على قطاع غـ.ـزة وتبادل الأسـ.ـرى ودخول المساعدات فورًا ورفض احـ. ـتلال القطاع ورفض تهجير شعبنا الفلسـ.ـطيني منه).

وفي إطار ذلك وبما يحقق بوقف الحـ.ـرب والانسحاب الكامل من القطاع؛ تعلن الحركة عن موافقتها على الإفراج عن جميع أسرى الاحـ.ـتلال أحياء وجثامين وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب ومع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل، وفي هذا السياق تؤكد الحركة استعدادها للدخول فوراً من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة تفاصيل ذلك.

كما تجدد الحركة موافقتها على تسليم إدارة قطاع غـ.ـزة لهيئة فلسـ.ـطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناءً على التوافق الوطني الفلسـ.ـطيني واستنادًا للدعم العربي والإسلامي.

وتؤيد ما ورد في مقترح الرئيس ترامب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل قطاع غـ.ـزة وحقوق الشعب الفلـ.ـسطيني الأصيلة. إن هذا الموقف، مرتبط بموقف وطني جامع واستناداً إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسـ.ـطيني جامع ستكون حـ.ـماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية).

لقد التزمت حركة حـ.ـماس، بموقف أخلاقي ووطني، وأبدت حرصها على وقف حـ.ـرب الإبـ.ـادة التي يتعرض لها الشعب الفلسـ.ـطيني، ولم تتمسك بالسلطة، طالما أن ذلك يعيق مشروع ترامب لوقف إطلاق النـ.ـار.

ورغم إعلان حكومة نتـ.ـنياهو، عزمها على دراسة مقترحات ترامب، واصلت حـ.ـرب الإبـ.ـادة والتجويع والتعطيش، متحدية موقف الرئيس الأمريكي، وقد بلغ تعداد الشـ.ـهداء في يوم اعلان المبادرة وحده أكثر من مئة قتـ.ـيل. ولا زالت عملية حـ.ـرب الإبـ.ـادة تجري على قدمٍ وساق.

مرة أخرى، الفضل يعود فيما تم التوصل إليه، إلى الصمود الأسطوري لشعب غـ.ـزة، والتضامن العالمي مع شعب غـ.ـزة، وأساطيل الحرية، التي شملت مشاركين، كتابًا وبرلمانيين سابقين وفنانين، جاءوا من أكثر من أربعين دولة، وتعاملت معهم حكومة الاحتـ.ـلال بقـ.ـسوة وعـ.ـنف. لن يكون بالإمكان أعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وسيأتي وقت قريب جدًا، تنتصر فيه إرادة الخير على الشـ.ـر، وتعود فيه الحقوق إلى أصحابها.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.