الليلة قبل ألف ليلة وليلة…

صحيفة الهدف

فوز حمزه
روائية من العراق
#ملف_الهدف_الثقافي

استيقظ آدم مرعوبًا بعد قيلولة قصيرة، رأى فيها صورًا غريبة في منامه. نادى على زوجه ليقص عليها ما رأى، وأيضًا لتعد لهما شاي العصر، فليست هناك طريقة يغير بها مزاجه غير الشاي مع فطائر البرقوق التي يفضلها.
مرت دقائق، لم يؤتَ له بالشاي، ولم يَشم رائحة الفطائر بالقرفة. أين حواء؟! سأل نفسه متجهًا صوب السلم ليهبط منه إلى المطبخ ومن ثم إلى الباحة. ربما كانت تُطعم الطيور، أو قرب بحيرة السمك، لكن ظنونه لم تكن في محلها، زوجه ليست موجودة في أي مكان، ولا حتى قرب شلالات النور كما تعودت الاستحمام.
في تلك اللحظات العصيبة، شعر وللمرة الأولى بالوحدة، والضياع.
هل حقًا هذه الأشياء كانت بداخلي، يا للقسوة!. تساءل بتعجب.
نظر آدم إلى كل شبر كانت حواء قد وضعت يدها عليه أو سارت فوقه. أمست الجنة دونها سجنًا عرضه المجرات كلها، وبعينين متعبتين، نظر إلى النجوم وتراءى له وجهها مبتسمًا.
كان آدم مخلوقًا ساكنًا قبل أن تحركه حواء بغيابها، لم تشغل باله كما اللحظة. تلا أبياتًا من الشعر عرف بها أن الألم يحفر عميقًا في قلبه ليخرج ما خُبئ فيه، فالروح تئن من قسوة الفراق ولوعته!
تذكر الحلم قائلًا: إنه حلم الوجع.
انتصف الليل وحواء لم يظهر خيالها. في تلك اللحظة، بدأ آدم ينادي على زوجه بصوت أفزع كل المخلوقات، إلا شجرة الماشا العجوز التي تحيط بكل شيء علمًا، أخبرته أن امرأته هربت من الجنة مع سيد الحكمة. لم يعرف آدم من قبل معنى الهرب. فتح عينيه على اتساعهما من شدة الدهشة حينما فهم معنى الكلمة.
قال آدم للشجرة وهو يهم للخروج باحثًا عن زوجه: لم تعد الجنة مكانًا يصلح للعيش بدون امرأتي، سأعود بها.
شجرة الماشا وهي تودع آدم، ذكرته أن عودته مرهونة بعودة سيد الحكمة معهما وإلا فإنه لن يرى الجنة مرة أخرى. وحينما سألها عن مغزى ذلك، أخبرته بصوت سكنت له كل المخلوقات: إن سيد الحكمة لا معنى لوجوده دون وجود الإنسان، فلا تتركوه وحيدًا.
بجانب سور عظيم، في مكان جميل يُدعى الأرض، عثر آدم على حوائه، مسح دمعها بيديه بعد أن أخبرته عن اختفاء سيد الحكمة الذي وعدها إن هي هربت معه، سيعلمها كل شيء.
كان آدم يصغي لحديث زوجه فاغرًا فاهه مندهشًا كيف لسيد الحكمة أن يمارس الخديعة!.
ما العمل الآن يا زوجي؟ سألت حواء وهي تنظر للأرض التي حولها.
أخبرها آدم بحديث شجرة الماشا التي أخبرته أن الجنة لن تُفتح لهما إلا بالحكمة!.
ما زال آدم وزوجه منذ سنين طويلة لم يُحصيا عددها، يبحثان دون جدوى عن سيد الحكمة ليعودا إلى جنتهما.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.