بوابات العنصرية مواطنون سودانيون يُمنعون من دخول نهر النيل بسبب أصولهم

بوابات العنصرية مواطنون سودانيون يُمنعون من دخول نهر النيل بسبب أصولهم

#الهدف_متابعات
#الهدف_تقارير

بينما يعيش السودان واحدة من أكبر أزماته الإنسانية بسبب الحرب تتكشف كل يوم وقائع جديدة تعكس حجم الانهيار في مؤسسات الدولة وتفكك أواصر الوحدة الوطنية وفي أحدث هذه الوقائع شكا عدد من المواطنين السودانيين، من إجراءات أمنية وصفوها بـ”العنصرية والتعسفية” في المعابر الرابطة بين ولايتي الخرطوم ونهر النيل، خاصة عند نقطة التفتيش في منطقة العوتيب.
وقال احد المواطنين (ع ص)أن سلطات التفتيش في العوتيب أنزلتهم من الباص الذي كان يقلهم، وطلبت منهم وثائق الهوية وتصاريح عمل تثبت أنهم يعملون في ولاية نهر النيل. وعلى الرغم من أن أغلبهم يعملون في قطاع التعدين الأهلي، وهو قطاع واسع غير رسمي ويعتمد عليه عشرات الآلاف من السودانيين، إلا أن السلطات رفضت السماح لهم بالعبور، وتم احتجازهم والتحقيق معهم، بل والاعتداء عليهم بالضرب، قبل أن يتم ترحيلهم قسرًا مرة أخرى إلى ولاية الخرطوم في باصات مخصصة لذلك.

ويضيف المواطن الذي ما يزال تحت تأثير الصدمة النفسية والجسدية:

> “ما حدث لنا لا يحدث حتى مع الأجانب المخالفين. لقد عاملونا باحتقار وكأننا لسنا أبناء هذا الوطن. فقط لأننا من دارفور!”

 

سياسة انتقائية ومعايير مزدوجة

عدة روايات حصلت عليها الهدف تؤكد أن هذه الإجراءات لا تُطبق على جميع السودانيين، بل تستهدف بالدرجة الأولى المواطنين المنحدرين من ولايات دارفور، ما يطرح تساؤلات كبيرة عن دوافع هذا السلوك الأمني الخطير، ومدى قانونيته، وشرعيته الأخلاقية في ظل ما تمر به البلاد من انقسام وتشرذم.

وأكد عدد من المتضررين أن بعض الركاب في نفس المركبات تم السماح لهم بالعبور دون تحقق مشدد، رغم أنهم لا يحملون تصاريح عمل أيضاً، ما يعزز فرضية أن هناك استهدافاً ممنهجاً يقوم على خلفية الانتماء الجهوي أو العرقي، وهو ما يخالف تماماً نصوص الدستور السوداني واتفاقيات حقوق الإنسان.

انتهاك صارخ للحق في التنقل والعمل

ينظر مراقبون وحقوقيون إلى هذه الحادثة باعتبارها جريمة مزدوجة:

أولًا، لأنها تمثل انتهاكًا واضحًا لحق المواطنين في حرية التنقل والعمل داخل وطنهم.

وثانيًا، لأنها تنطوي على تمييز عنصري صريح، يهدد وحدة البلاد، ويعيد إنتاج خطاب الكراهية الذي قاد السودان في مراحل سابقة إلى الحروب والدمار والانقسام.

ففي الوقت الذي تدعي فيه الجهات المسيطرة حرصها على استقرار الأوضاع، لا تزال ترتكب ممارسات تمييزية تقوض الثقة بين المواطن والدولة، وتعمق الإحساس بالتهميش والاضطهاد لدى قطاعات واسعة من السودانيين.

دعوات للمحاسبة والتدخل العاجل

وطالب المواطنون المتضررون، ومن ورائهم منظمات مدنية وحقوقية، بفتح تحقيق عاجل في هذه الوقائع، ومحاسبة المتورطين فيها، ورد اعتبار المواطنين الذين تعرضوا للضرب والترحيل القسري، كما دعوا حكومة الأمر الواقع ببورتسودان إلى إصدار توجيهات واضحة تلغي أي ممارسات قائمة على التصنيف الجهوي أو العرقي، وتؤكد على حق السوداني في التنقل داخل حدود بلاده دون قيود تعسفية.

تعليق “الهدف”:

إن صحيفة الهدف تضع هذا الملف أمام الرأي العام والسلطات المعنية بكل وضوح وتجرد، وتقولها صراحة:
ما حدث عند بوابة نهر النيل ليس مجرد خطأ إداري أو تجاوز فردي، بل هو سلوك عنصري مفضوح، يكشف عن خلل بنيوي في طريقة إدارة الأزمة، ويهدد ما تبقى من النسيج الوطني للسودان.

إن حرية التنقل والعمل ليست منّة من أحد، بل هي حق دستوري أصيل، لا يجوز مصادرته تحت أي ذريعة. والتعامل مع السودانيين على أساس انتماءاتهم المناطقية يعيد إلى الأذهان أسوأ صفحات التمييز والتهميش التي عرفها السودان، وهي الصفحات التي دفعت هذا الوطن العظيم إلى الحرب والدمار لعقود طويلة.

الهدف، إذ توثق هذه الانتهاكات، ترفضها تمامًا وتدعو كافة القوى السياسية والمدنية إلى مواجهة هذا الانحدار القيمي والأخلاقي الذي بدأ ينهش جسد الدولة والمجتمع على حدٍ سواء.
ونؤكد أن بناء الدولة لا يبدأ من البنادق والمعابر الأمنية، بل من الاعتراف بالمساواة والكرامة لكل إنسان سوداني.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.