بابكر الوسيلة
واحدٌ مات أمامَ مرآته..
كان يُعاينُ روحًا غريبة
نما على القلب،
صار جسمًا جَثُومًا أمامَ الحياة.
واحدهم مات..
لأنَّ دمًا جفَّ في رئتيه،
كان يُسيِّلُ فحوى العبارةِ
في جسمه
ويغسلُ شِعرَ العبيرِ
لحفل الكتابة.
واحدهم مات فجأة..
مثلما يسقط الثَّمرُ الناضجُ في الحقل
بجسم الحياة.
واحدهم مات بعيدًا..
لأنَّ بلادًا ذات ليلٍ
طردته من بيتها،
قالت له: لا تخنِّي!
واحدهم مات في الموج..
كان يعشق نافذةً تُطلُّ على البحر
منذ صباه.
واحد مات بالحرب..
كان يُقبِّلُ عند الصَّباح حبيبتَه،
صار من غير صدر.
واحدهم مات بالعود..
ظلَّ يعزِفُ حتى آخرِ قطرةٍ من دم
الأغنية.
وحدهم مات وفي باله أمُّه..
كان يفتحُ بها اليومَ والحلمَ
نحو الخُلُود.
واحدهم مات بالشَّاعريَّة..
كان حتمًا يُبلِّلُ البيتَ بالحبِّ
عند المساء..
لكنَّه في الصباح
صار تحت المعسكر.
واحدهم مات في الصَّحراء..
لم يجدِ الماءَ في الشِّعر،
ولا الشِّعرَ في لغة الرَّمل.
واحدهم مات وفي يده فراشة..
كانت تتجوَّلُ في الشَّوارع
لا في الحقول.
واحدهم مات..
لأنَّ الحياةَ أحبَّت مجالسَهُ في الغناء،
ذاب لآخرِ ماء.
واحدهم مات بغيرِه:
الموكب المحتفي بالحياة
بفستان تلك الحبيبة.
واحدهم مات..
لأنَّ جنازتَه اندفنت بأرضٍ بعيدة.
واحدهم مات في جسدين..
واحد في الشَّهادة يرسم صورته في الوطن..
واحد بين بين.
#ملف_الهدف_الثقافي #بابكر_الوسيلة

Leave a Reply