ياسر عوض.. ود دهبية

صحيفة الهدف

الطيب صديق

لصديقنا وأخونا ود دهبية (ياسر عوض)، أصدقاء وزملاء من كبار الكتاب والأدباء في السودان والعالم العربي كتبوا وسيكتبون عنه بما يليق بإنسانيته ونبله. لكن بعد انتقاله المؤلم، وعاين فضله وجمال خصاله، خطرت في بالي ذكرياتنا حين زارتنا في بيت خالتي دهبية، أم ياسر، في الدروشاب مربع خمسة قبل أكثر من عشرين سنة. لم نكن أصدقاء طفولة ولا زملاء دراسة، لكن جمعتنا الفنون والحيشان. كانت لقاءاتنا لا تخلو من مثاقفة وونسات في الفنون والأفكار التلفزيونية والإخراج، ووسط كل ذلك كانت الخستكة والضحك. تعلمنا من ياسر الكثير.. طبعا هو زول غالط، لكن لما نقول له “جنك غلاط” يقول: “ده ديالكتيك”. يخلط لنا البيبسي بالميرندا فيقول: “تجريب”. في عرسه حرشناهو كمتمردين، وما اهتم بموضوع دق الريحة، وبعد يومين طلب منا أن نذهب معه إلى السوق، فلما استجبنا يقول: “يا أخوانا، ده طقس اجتماعي، ما في فكاك منه”. هو برغم لغته الثورية، كان حنونًا وودودًا، وتربيته حبوبات، وكنا نستمتع بقصصه ومغامراته في بغداد، وحكاياته القومية والقطرية، وبيأسرنا بالحكي الجميل. ياسر واقعي وبسيط، لكنه حالم وطموح، يحب السينما والمسرح والتشكيل، ويكتب شعرًا جميلًا. عنده قصيدة فيها جملة: “كسار القزاز في الجوف”، ينطقها بتنهدة، وأنا كنت أضحك، وكأنها خستكتي، مثل قصيدة سعد الدين حسن “قميص يوسف يشتهي خاصرتي”، أو عاصم الحزين حين يقول: “هاك الوردة دي”. من حظوظنا في الحياة أننا أصحاب، مهما فرقتنا الظروف والأيام. نختلف ونتزاعل، لكن النفوس طيبة ونرجع كأن لم يكن شيء. كلنا متفقون على أن ود دهبيه طفل كبير، ضحكه ودمعته قريبة. أعتقد أن ياسر ينتظر تشييعه غدًا في الدوحة بذات الابتسامة والضحكة. لك الرحمة والمغفرة يا صديقنا، ونتمنى أن نلتقيك في جنة عرضها السموات والأرض.

#ملف_الهدف_الثقافي #ياسر_عوض #ود_دهبيه #الطيب_صديق #السودان #رثاء #الخستكة

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.