نادر عجوز
مسرح المنصور: حضورٌ يملأ المكان
“هذيان الذاكرة المرة”… و عدنان الصائغ و ياسر عوض… في أجمل مسارح بغداد، مسرح المنصور، هكذا أظن اسمه، يقابل فندق المنصور.
ياسر عوض كان أحد شخصيات المسرحية. كنت لا أطيق فوضاه، والتي هي جزء من مسرحه الخاص، مسرح الرجل الواحد، أو مسرح اللاأحد سواه، فقد كان يملأ المكان بحضوره، ويدهشك بأداء مبهر قل أن تجده في غيره. تعابير وجهه وضحكاته كأنها موسيقى تصويرية لما يؤديه بارتجال في كل المحافل.
أحرف من لعب كرة القدم وكنز الضحكات
ياسر كان حريفاً في إدارة وسطه الفني، مسرحاً ورياضة. كان أحرف من يلعب كرة القدم، وأتشرف بأنني لعبت معه في ملعب الكشافة بالكسرة في بغداد.
وعندما يلتقي مع الفاتح بشري، لا تدري أيهما يضحك الآخر؛ تخرج منهما الضحكات للعالم متفجرة ككنز لم نكتشفه حتى الآن، ورحلا إلى دنيا الخلود، وتركا لنا صدى الذكريات والضحكات.
كنت أقول للفاتح: “ياخي صاحبك ده بتاع فوضى…” ولا أتلقى سوى جواب ضاحك، كأنهما يسخران من حماقاتي.
الندم والوداع الأخير
ويوم أقنعني ياسر بأن أشاهده في مسرحية “هذيان الذاكرة المرة”، قال لي: “إنها قريبة جنبك هنا ياخي في شارع حيفا… تعالوا شوفوني.” ومن يومها ندمت على أي لحظة لم أرافق فيها هذا الإنسان المسكون بالفوضى، والضحك، والفهم العميق للحياة، وطلعت أنا الخسران.
كنت محظوظاً في آخر أيامه في السودان بعد خروجه من المعتقل، وقبل سفره إلى قطر. كنت محظوظاً أن ألتقيه أنا وإبراهيم حسين في مكتبي، نلتقي سوياً حول صحن الفول والشاي، ولم أكن أعلم أنه آخر وداع.

Leave a Reply