بلقيس… حين اغتالت القنابل عروس الشعر ومُلهمة نزا

صحيفة الهدف

 زحل الكاشف

#ملف_المرأة_والمجتمع

في زحمة المنافي والقصائد، وبين حروفه التي كانت تبحث عن امرأة تُشعل اللغة وتحررها من قيود الورق، التقى نزار قباني بـبلقيس الراوي، العراقية القادمة من أرض الرافدين، ذات العيون الشرقية المجبولة بالحنّاء والتمر ورائحة مساءات بغداد. كانت الصدفة موعدهما الأول في أمسية شعرية، فانفتحت الأبواب أمام قصة حب كُتبت كما تُكتب الأساطير، بمداد من العشق والصبر.

لم يكن الطريق إلى زواج الشاعر سهلاً؛ اصطدم برفض أسرتها أول الأمر، لكنه أصرّ، شاعرًا أن حبه لبلقيس ليس نزوة عابرة بل قدراً قديماً. وبعد جهد، تكلل الحب بالزواج عام 1973، لتصبح بلقيس قرينة الشعر، وواحة يلوذ إليها في غربته بين المنافي والعواصم.

لكن القدر لم يمهلهما طويلاً. ففي ديسمبر 1981، دوّت قنبلة في السفارة العراقية ببيروت، وكانت بلقيس بين الضحايا. عندها صاح نزار في رثائه المرّ: «بلقيسُ… يا وجعي، ويا وجع القصيدة حين تُولدُ من دمٍ». لم تكن مجرد زوجة، بل كانت نافذة الشاعر على الفرح، ومُلهمته التي فجّرت أجمل قصائده.

على ركام الفاجعة كتب مرثيته الأبدية، صرخ في وجه العرب جميعاً: «شكراً لكم… شكراً لكم… فحبيبتي قُتلت… وصار بوسعكم أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدة». وفي موضع آخر، يشدّد نزار على عمق الفقد قائلاً: «بلقيسُ… إن حزني صديقٌ، دائماً يمشي معي، إنّي تعبتُ من الرحيل بلا مرايا».

ظل نزار بعد رحيلها رجلاً مثقلاً باليتم العاطفي. كتب عنها كأنها لا تزال تجلس في بيته، تملأ أركانه بالعطر والضحكة، واعتبر أن حياتَه انقسمت إلى نصفين: ما قبل بلقيس وما بعدها.

هكذا تحولت بلقيس من امرأة عاشقة إلى أسطورة محفورة في قلب الشعر العربي، شاهدة على أن الحب قد يهزم الزمن، لكنه لا يهزم الموت الغادر.

#بلقيس_الراوي #نزار_قباني #عروس_الشعر #أساطير_الحب #شعر_نزار #ملهمة_نزار #بيروت_1981 

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.