بيان البعث مقارنة بالقوى الأخرى.. تباين الموقف وتكامل الأهداف عمر سفيان سالم #آراءـحرة يمثل بيان حزب البعث العربي الاشتراكي (قيادة قطر السودان) حول بيان “الرباعية الدولية” موقفاً فريداً في المشهد السياسي السوداني، حيث يعكس تبايناً في الأسلوب والموقف الظاهري، لكنه يظهر تكاملاً في الأهداف الجوهرية مع التوجهات الدولية والوطنية لإنهاء الحرب. فبيان الرباعية لم يكن مجرد مبادرة جديدة، بل كان انعكاساً عملياً لخطوط عريضة لطالما نادى بها حزب البعث منذ الأيام الأولى للحرب، وهو ما يتجسد اليوم في مبادرة الحزب للتواصل مع القوى السياسية الأخرى. *موقف استباقي متسق منذ بداية الحرب: يُظهر بيان حزب البعث استمرارية في الرؤية التي أعلنها الحزب عشية اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023. فقد كان الحزب من أوائل القوى السياسية التي رفضت الحرب بشكل قاطع، ودعت إلى حل سياسي شامل يحافظ على السيادة الوطنية ويرفض أي وصاية. دعائم البعث الأساسية: * الوقف الشامل والدائم لإطلاق النار: وهو ما يعتبره الحزب أولوية وطنية قصوى. * إيصال المساعدات الإنسانية: لرفع المعاناة عن المواطنين في كافة المناطق المتأثرة. * قيادة سودانية للعملية السياسية: مع التأكيد على ضرورة استبعاد المؤتمر الوطني والقوى المتحالفة معه من أي حل مستقبلي، وهو ما يتطابق مع الإشارة الصريحة في بيان الرباعية إلى “الجماعات المتطرفة” كعائق للسلام. إن موقف البعث من بيان الرباعية يظهر ذكاءً سياسياً، فهو يرحب بـ”توجهات” البيان كـ”خطوة إيجابية” دون أن يتبناها بشكل كامل، ويجدد دعوته للقوى الوطنية للتوافق حول آلية جامعة للتعامل مع المبادرات الخارجية، بما يضمن الحفاظ على السيادة الوطنية. هذا الموقف لا يتوقف عند حدود البيانات، بل يترجم عملياً في مبادرة الحزب للتواصل مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية، وهو ما يمثل تجسيداً لرؤيته في أن الحل يجب أن ينبع من إرادة سودانية خالصة مدعومة بالتنسيق الفاعل. مواقف القوى الأخرى: على النقيض من موقف البعث المتوازن، تنقسم القوى السياسية الأخرى إلى معسكرين رئيسيين: * المعسكر المؤيد: رحبت قوى مدنية مثل تحالف “صمود” ومكوناته كالتجمع الاتحادي، والمؤتمر السوداني والأمة القومي وغيرهم ببيان الرباعية، واعتبرته خريطة طريق متكاملة لإنهاء الحرب. وترى هذه القوى أن البيان يلامس جوهر الأزمة عبر إشارته إلى دور الإسلاميين في تأجيج الصراع وعرقلة الحل السياسي، وهو ما يتناغم مع أحد أهم شروط حزب البعث في أي عملية سياسية مستقبلية. * المعسكر الرافض: استبق الحزب الشيوعي الرافضين وأعلن موقفه من بيان الرباعية وخطواتها بالرفض المغلظ، كذلك عبرت وزارة الخارجية السودانية عن موقف رافض صريح للبيان-يسيطر عليها أنصار النظام المباد-، معتبرة إياه تدخلاً في الشؤون الداخلية وانتهاكاً للسيادة الوطنية. هذا الموقف يجد دعماً من قوى سياسية أخرى متحالفة مع الجيش وتتخوف من أن يساوي البيان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وترفض أي مساس بمركزية القوات المسلحة وتحت هذه اللافتة يسعى أنصار النظام المباد للعودة. كما عبرت القوى التي وصفها بيان الرباعية المتطرفة كالمتأسلمين ولافتاتهم عن رفضها للبيان، بذات مبررات وزارة خارجية حكومة الأمر الواقع على أرضية صلبة يبدو أن بيان حزب البعث يقف على أرضية صلبة، فهو لا يقدم حلاً مفاجئاً، بل يؤكد على رؤية ثابتة تتوافق مع الأهداف العامة التي تسعى إليها قوى مدنية ودولية عديدة. إن مبادرة الحزب للتواصل مع الأطراف الأخرى تُثبت أن موقفه ليس مجرد رد فعل على بيان الرباعية، بل هو جزء من إستراتيجية قائمة على جمع القوى الوطنية لتوحيد الرؤى والتعامل بوعي مع المتغيرات الإقليمية والدولية. وبهذا، يبرز الحزب كقوة تسعى إلى تحقيق أهداف مشتركة، لكن بأسلوب يرفض التبعية ويتمسك بالسيادة، مما يجعله نموذجاً للوسطية في خضم استقطاب حاد.

20 سبتمبر، 2025 alhadaf1 0