زواج على الطريقة السودانية… فخامة التعجيز!

صحيفة الهدف

زحل الكاشف
#ملف_المرأة_والمجتمع

هل تعلم/ي أن في إثيوبيا – جارتنا الأقرب – يكفي الشاب أن يقدّم لأهل العروس ما لا يتجاوز 15 دولاراً أو خاتماً ذهبياً صغيراً، ليُفتح له باب الزواج ويُقام له بيت جديد دون ديون أو “جرسة” اجتماعية؟ في بعض المجتمعات هناك، يصبح المهر رمزياً فقط، فيما تتحول التكاليف إلى تجهيز أساسيات الحياة مثل المنزل أو بعض الأثاث الضروري. الزواج عندهم مقدس، هدفه الاستقرار وبناء أسرة، لا استنزاف مدخرات العريس وأهله.

أما عندنا في السودان، فالأمر أشبه بماراثون استنزاف يبدأ من المهر وينتهي عند آخر “صينية كنافة” في صالة الفرح. أهل العروس يطالبون بالمهر الفاخر، ثم تأتي قائمة المستلزمات: ذهب يُقاس بالكيلو لا بالجرام، “حق الكوافير”، “حق الإيجار”، تكاليف الصالة، الوجبات الفاخرة، الزفة، “الجرتق” وما يتبعه من طقوس مكلفة، حتى أصبح الزواج صفقة مالية أكثر من كونه ميثاق مودة ورحمة.

النتيجة واضحة: شباب عاجز عن الزواج، بنات يتقدمن في العمر حتى يلاحقهن لقب “عانس”، وأسر تغرق في ديون ثقيلة لا لشيء سوى لإرضاء غرور اجتماعي لا يسمن ولا يغني من استقرار. وهكذا تحوّل الزواج من مؤسسة رحمة إلى صفقة تجارية، يحكمها قانون العرض والطلب و”الشطارة” في مساومة أهل العروس.

لكن، هل الحل مستحيل؟

ليس بالضرورة. فالمجتمع بيده أن يُعيد التوازن عبر خطوات عملية:

  • إحياء الزواج الجماعي: فكرة أثبتت نجاحها في تقليل التكاليف وتقوية الروابط الاجتماعية.
  • التشجيع على البساطة: جعل “المهر الرمزي” ثقافة مجتمعية تُباهي بالتيسير لا بالتعجيز.
  • حملات توعية: عبر الإعلام ومنصات الميديا، لفضح المظاهر الكاذبة التي تدمر الشباب.
  • قدوة من الأعيان والمثقفين: حين يعلنون زيجات بسيطة، سيقلدهم الآخرون.

إذا كان جيراننا قادرين على الزواج بخاتم ذهبي، فما الذي يمنعنا نحن من كسر دوامة التعجيز وإعادة الزواج إلى مكانه الطبيعي: مودة ورحمة وبناء حياة جديدة؟

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.