أمجد السيد
#آراء_حرة
مرة أخرى يحاول نصر الدين عبد الباري وزير العدل في الفترة الانتقالية السابقة أن يقدّم الوصفة (الإسرائيلية) كطريق وحيد لخلاص السودان. يكتب اليوم داعياً (إسرائيل) إلى دعم الديمقراطية في السودان عبر ربطها بملف التطبيع، وكأنَّ مستقبل الشعب السوداني معلَّق برضا دولة أجنبية.
لكن الحقيقة البسيطة هي أن الديمقراطية لا تُصنع في تل أبيب ولا واشنطن ولا أي عاصمة أخرى؛ الديمقراطية تُبنى في الخرطوم وعطبرة ومدني ودارفور وكردفان على أكتاف السودانيين أنفسهم بإرادتهم الحرة ونضالهم ضد الاستبداد والحرب.
أولاً: التطبيع مع (إسرائيل) أو غيرها ليس معياراً للديمقراطية؛ جنوب أفريقيا لم تتحرر من الفصل العنصري لأن دولة ما فتحت لها باب التطبيع، بل لأن شعبها ناضل وفرض إرادته. نفس الأمر ينطبق على السودان.
ثانياً: (إسرائيل) التي يتحدث عنها عبد الباري ليست نموذجاً ديمقراطياً يُحتذى به، بل هي دولة تقوم على الاحتلال والتمييز العنصري وخرق قرارات الشرعية الدولية وما يجري في غزة والضفة شاهد حي، فكيف تكون هي حامية للديمقراطية في السودان؟
ثالثاً: ربط الديمقراطية السودانية بالتطبيع ليس سوى محاولة لتسويق مشروع سياسي سقط منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021. عبد الباري الذي وقَّع على “اتفاقات أبراهام” باسم السودان يتجاهل أن ذلك تم دون تفويض شعبي ودون مؤسسات منتخبة وفي لحظة ابتزاز سياسي واقتصادي مارسه نظام ترامب على بلد كان يرزح تحت العقوبات.
رابعاً: الأزمة السودانية اليوم ليست في التطبيع أو القطيعة مع (إسرائيل)، وإنما في وقف الحرب وإنهاء عسكرة الدولة وبناء عقد اجتماعي جديد يؤسس لحكم مدني ديمقراطي.
إن الدعوة إلى ديمقراطية عبر التطبيع لا تعدو كونها خيانة فكرية للثورة السودانية التي خرجت تهتف “حرية، سلام، وعدالة” ولم تخرج مطالبة بسلام مع (إسرائيل) ولا أي دولة أخرى.
إن الديمقراطية تُبنى من الداخل بإرادة السودانيين لا عبر بوابة تل أبيب.

Leave a Reply