دروب الحقيقة: قراءة في كتاب”إفريقيا ثقافة العنف والقوة”(4_4)

صحيفة الهدف

بقلم: أحمد مختار

#ملف_الهدف_الثقافي

توقفتُ طويلاً أمام ما ذكره الباحث (بأن الحرب أحد ثوابت التاريخ، ولم تتناقض مع الحضارة والديمقراطية)ص 44 وأرى أنه اختزل الحرب في جانب واحد ومن منظور فلسفي، بل ذاد دكتور آدم  بأن الحرب هى الشّكل النهائي للمنافسة والانتخاب الطبيعي في الجنس البشري) وهو قول لم يتحدّث به الفلاسفة، ولا رجال الأديان. وشرور الحرب وآثارها لا يمكن مقارنتها بنتائج الإعمار بعدها. وأورد الباحث مقولة هرقليطس،(إن الحرب هي أب كل شيء، وهى أصل الأفكار والمخترعات والمؤسسات والدول، كدلالة على صدق  ذكر من قول ، وما قاله هرقليطس لا يعكس توجهات و فهم  البشرية للحياة، وفي يقيني السّلام هو الأصل في الحياة، وليس الحرب، لأن الحروب وإن تكاثرت عددها فهى أحداث طارئة في حياة الأمم والشّعوب .

ويشير الباحث إلى أن (القوة في كثير من الحالات في إفريقيا هى لرد الحقوق والنّصاب إلى أصولها أو الهيمنة على الحقوق المشروعة أو الدفاع الأخير  من أجل البقاء) وأنه لهذه الأسباب تُبذل الجهود في التّنمية، حيث يعيش منذ العام 2005 نصف سكان إفريقيا جنوب الصّحراء نحو (380 مليون نسمة) على ما يُعادل 1/25 دولار للفرد في اليوم الواحد، ويقطع دكتور آدم بأن الحديث في ظل هذا الواقع عن مصطلح الديمقراطية يُصبح فكرة مبتذلة، تُقدّم اثناء التّصويت، بدلاً من أن تكون وسيلة لتعزيز قدرات المؤسسات (لأن الديمقراطية لاتعني فقط شخصاً واحداً وصوتاً واحداً، بل تعني أيضاً حماية حقوق الأقليات والسُّلطة القضائية المستقلة، والمواطن المُطّلع والمشارك، والسّلطة الرابعة المستقلة، وممارسة المرء لدينه بحرية، والمجتمع المدني الممكّن والنشط الذي يعمل دون خوف من اعتقال أو انتقام).

ورغم الصورة القاتمة التي رسمها الباحث للواقع الإفريقي إلا أنه لم ينس أن يَذكر بعض التّحولات الإيجابية، والممارسة الديمقراطية في الكثير من بلدان إفريقيا، ويؤكد أن الأرقام التي اختلسها بعض الحكام الأفارقة وأودعوها في بنوك الغرب الأوربي، توضّح أن إفريقيا ليست فقيرة، ولكنها لم تتعلّم بعد كيف تحمى ثرواتها لنفسها،  فعلى سبيل المثال، هناك 8 مليار دولار، لإبراهيم بابانجيدا وساني اباتشا، من نيجيريا، و5 مليار دولار لصمويل دوو وتشارلز تايلور، و6 مليار دولار ل هوفين بويتي من ساحل العاج، واستولى موبوتو سيسي سيكو على 5مليار ، وجمع فرانسسكو ماسيس 8 مليار دولار من غينيا الإستوائية، لذلك من الطبيعي أن نرى صور المجاعات والفقر والبؤس والحرمان في وجوه شعوب القارة المنكوبة بأبنائها، بعد إن رحل توما سنكارا ونلسون مانديلا، وتركاها تحت عبودية جديدة من ابنائها، يمارسون دور المستعمر المحتل، لا يؤمنون إلا بالقوة، ولا يقبلون النقد.

خلاصات ونتائج البحث

خلص الباحث إلى أن  أسباب العنف في السّياسة، يمكن تلخيصها في:

-ممارسة العنف واستخدام القوة ضد الشّعوب يجعلها تلجأ إلى استخدام عنف مضاد، سماه(العنف الثوري)

– تنامي البيروقراطية واحتكار السُّلطة في محيط ضيّق لدى أيادي مجموعات وأفراد، يُولّد العنف

– احتقار مجموعة او مجموعات، والنّظرة الدونية لها والتّعالي عليها والفخر بالوصول للسّلطة، بدل الاعتزاز بالوطن والقيم والموروث المحلي، يجعل تلك المجموعات تلجأ للعنف.

– استخدام القوة والعنف للوصول للسُّلطة، والبقاء فيها بالقوة، يُكرّس العنف في نفوس الأجيال، ويعزز أهمية القوة والعنف لديهم على حساب الديمقراطية والدولة.

– في غياب الحوار السّلمي الجاد يكون العنف هو الفاصل.

– عندما تستمد مجموعة ما قوتها من السُّلطة، وتستخدم نفوذها لحماية مصالحها، على حساب الوطن والشّعب، فإنّ ذلك يُولّد العنف المضاد.

  ومن النتائج التي استخلصها الباحث أن للقوة دور فاعل في نهضة الشّعوب، وأنها أساس البقاء في الحياة بكرامة.

– القوة في إفريقيا تأتي في الدرجة الأولى من حيث الاهمية في الفكر السّياسي الحديث، وأن ضعف الإنسان في إفريقيا يسلبه حقوقه.

– الغرب الأوربي يتجاهل العنف والقوة في كثير من البلدان الإفريقية، التي ليس له فيها مصالح واضحة، بينما يؤمن بشكل مطلق باستعمال العنف و القوة، في الدول التي تكون فيها مصالحه واضحة

– العنف والقوة مظهر من مظاهر الثّقافة وقيم الشجاعة، عند بعض المجموعات والقبائل الإفريقية.

– الأنظمة التي وصلت للسُّلطة بالقوة، وكرّست سياسة العنف في الدولة، وأصّلت للفوضى والتّخلف والاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان، لم يجد لها الباحث مبرراً في ذلك.

– العنف والجهل وتغييب الآخر والفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان والظلم، تُولّد العنف

– وأخيراً : إن الذي يؤمن بالقوة، ويتربع على السُّلطة بالقوة، عليه أن يُدرك، أن هناك من آمنوا ببرامجه، واعتنقوا مثل أفكاره، وسيستخدمونها لإزاحته،

– الحل الأمثل للتعايش السّلمي، هو بسط العدالة، والحقوق والواجبات، ومراعاة  حقوق المواطنة ..

– انتهى.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.