
- محمد الأمين أبوزيد
البُعد الثقافي في التغيير الثوري يُعتبر من أهم الأبعاد التي تُسهم في نجاح أو فشل أي حركة ثورية. فالثورة لا تُغيِّر فقط الأنظمة السياسية أو الاقتصادية، أو الاجتماعية بل تسعى أيضًا إلى إعادة تشكيل الوعي الجمعي، والقيم، والرموز، والهوية الثقافية للمجتمع.
من أبرز ملامح البعد الثقافي في التغيير الثوري:
•إعادة تشكيل الوعي الجمعي حيث تسعى
الثورة إلى تحفيز الجماهير على التفكير بطرق جديدة، ورفض المنظومات الفكرية التي كانت تدعم النظام القديم. يتم ذلك من خلال الفن، والأدب، والتعليم، والإعلام الثوري.
•كثير من الثورات تُصاحبها عملية رمزية لتحطيم أو إعادة تفسير الرموز الثقافية التي كانت تمثل النظام القديم، سواء تماثيل، شعارات، أو حتى مفاهيم ومصطلحات.
•بناء هوية ثقافية جديدة
تسعى الثورة إلى خلق سردية جديدة عن الأمة أو الشعب، تُبرز قيم الحرية، الكرامة، والعدالة، والمساواة والمواطنة وتُعيد صياغة التاريخ من وجهة نظر الثوار.
•الفن والثقافة وسيلة للمقاومة
يستخدم الثوار الفن كوسيلة تعبير ومقاومة، مثل الشعر، الأغاني، المسرح، والسينما، لتوصيل رسائل الثورة والتحفيز على الصمود.
•الصراع بين الثقافة الرسمية والثقافة الشعبية:
في كثير من الأحيان، تقوم الثورة على رفض الثقافة الرسمية المفروضة من قبل السلطة، والمعبر عنها فى الإعلام الرسمى وتُحيي الثقافة الشعبية التي تعكس حياة الناس الحقيقية وهمومهم.
البعد الثقافي في انتفاضة مارس-أبريل
يعتبر من الجوانب المهمة لفهم طبيعة الحراك الشعبي آنذاك حيث تجاوزت الانتفاضة البعد السياسي والاقتصادي كأهداف مباشرة للتحرك الشعبي لتجسد تحولا ثقافيا واجتماعيا عميقا تمثلت ملامحه في الآتي:
•الصحوة الفكرية والوعي الجماهيري، شهدت فترة ما قبل وأثناء الانتقاضة تناميا في الوعي خاصة فى الأوساط العمالية والطلابية والمثقفين، وقد ساهمت الكتب والمنتديات الثقافية في تشكيل هذا الوعي كما لعبت ساحات الجامعات والمعاهد
والمدارس الثانوية كمنابر وعي وتنوير، دورا محوريا فى بث روح النقد والمعارضة وفي تحفيز فئات الشعب على الثورة.
•برز فى تلك المرحلة دور المثقف العضوي (حسب تعبير غرامشي)المرتبط بالشارع وقضاياه لا النخبوي المنعزل.
ساهم هؤلاء في تعبئة الجماهير عبر الشعر والأغاني والكتابة والمسرح وكانوا حضورا في مقدمة الصفوف للاحتجاجات.
•الفن كان أداة نضال فالأغاني الوطنية والمسرح السياسي لعبت دورا كبيرا فى توعية الناس والتعبير عن آلامهم وطموحاتهم، انتشرت أغاني وردي ومصطفى سيد أحمد التي حركت مشاعر المقاومة.
•رغم التضييق نشطت الصحف والمجلات والمطبوعات السرية في نقل صوت الشعب وتحولت بعض الأفلام إلى رموز للثورة وكانت المقالات الساخرة والكاريكاتير وسائل لنقد السلطة وتحفيز الجماهير.
•ثقافة المقاومة السلمية كرست الانتفاضة نموذجا سودانيا فريدا في المقاومة السلمية تمثلت في التظاهر والعصيان المدني والتعبئة الشعبية.
•ساهم الحراك في لحظة نادرة من التوحد الوطني حيث انصهرت المكونات الثقافية المتعددة في بوتقة واحدة مطالبة بإسقاط النظام.
•ظهور خطاب مدني ديمقراطي ثقافي مؤيد للحرية والمساواة تبناه جيل الشباب.
تلك كانت ملامح ثقافية وسمت الانتفاضة وساهمت مع الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في تفجيرها وانتصارها..