كامل إدريس التكنوقراط الواجهة أم قناع الجنرال قراءة في تعيين البرهان ومآلاته على مستقبل الحكم والتحالفات في السودان

أولاً: البرهان وتكريس الانفراد الكامل بالسلطة

منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل
انتقل البرهان تدريجيا من حالة الشراكة الشكلية إلى إحكام القبضة المطلقة على مفاصل الدولة التعديلات الأخيرة على الوثيقة الدستورية وتفكيك مجلس السيادة كهيئة جماعية لصنع القرار تشير إلى تصميم واضح على تركيز السلطات السيادية والتنفيذية في يده وحده تعيين كامل إدريس يأتي ضمن هذا السياق لا كإعادة فتح لمسار الانتقال، بل كواجهة مدنية لتجميل حكم عسكري صرف.

ثانيا لماذا كامل إدريس الآن؟

الاختيار لم يكن عبثيا فالرجل يحمل سيرة دولية ومحترمة في أوساط بعينها لكنه أيضا لا يتمتع بحضور سياسي مؤثر في الداخل ولا بقاعدة تنظيمية أو جماهيرية وهو ما يجعله مرشحا مثاليا لدور التكنوقراط الغطاء الذي لا يهدد مركز القرار الفعلي ولا يعارض أو يناقش، بل يُستخدم كرمز مدني قابل للتسويق خارجيا

ثالثا علاقتُه بالإسلاميين رسائل متعددة الاتجاهات

في قراءة أكثر عمقا يحمل التعيين رسائل مبطنة إلى حلفاء البرهان من التيار الإسلامي فهو لا يرضيهم بالضرورة لكنه يطمئنهم بأن الجنرال لا يزال ممسكاً بالخيوط ولا ينوي فتح المجال أمام قوى التغيير الحقيقية. كامل إدريس في هذا السياق ليس خصما عقائديا أو سياسيا لهم بل رمز بلا محتوى سياسي يمكنهم التعايش معه طالما بقيت مفاتيح القرار خارج يده.

رابعا تحالف بورتسودان تشققات قادمة

تحالف بورتسودان الذي يضم الإسلاميين وبعض الحركات المسلحة والقيادات القبلية كان قد تشكل كواجهة بديلة للدولة في ظل ال ح رب غير أن قرارات البرهان المنفردة بدأت تثير توترات داخل هذا المعسكر تعيين كامل إدريس من خارج هذا التحالف التقليدي ودون مشاورة مكوناته يهدد بتوسيع الشروخ في داخله ويفتح الباب أمام صراعات مراكز القوى خاصة في ظل شعور متزايد بالتهميش لدى بعض الأطراف الفاعلة في الشرق ودارفور.

خامسا ملامح مرحلة ما بعد الحرب

الخطوة تهيئ المسرح لمرحلة ما بعد الحرب ليس على قاعدة شراكة أو انتقال ديمقراطي بل على أسس الحكم العسكري الفردي المغلف بواجهات مدنية شكلية وهذا يحمل في طياته مؤشرات خطيرة

إغلاق مسار الحلول السياسية الشاملة

تعزيز الطابع الأمني القمعي للنظام

تهيئة المشهد لعزلة دولية جديدة إذا فُهمت هذه التعيينات كرفض للمسارات التوافقية

سادسا مآلات محتملة

مزيد من انكشاف نوايا البرهان تجاه الحكم المدني

إضعاف متزايد لثقة القوى السياسية والمدنية فيه

احتمال تنامي التململ داخل المعسكر الداعم له وصولا إلى انشقاقات أو محاولات لإعادة توزيع النفوذ

تعيين الدكتور كامل إدريس في ظاهره مبادرة إصلاحية وفي جوهره تكريس لانفراد البرهان بالحكم وشرعنة سلطة السلاح عبر واجهات مدنية رمزية وبينما يسعى الجنرال لتسويق صورة إصلاحية للمجتمع الدولي تتعمق داخليا كل عوامل الانفجار في ظل مشهد مرتبك لا مكان فيه للتوافق ولا أفق فيه لإنهاء الحرب ولا نية حقيقية لانتقال مدني ديمقراطي.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.