المبدع السوداني بين الصمت والتردد

بقلم: محمد ضياء الدين

“الفنان كالسياسي، كلاهما يصنع الحياة بصيغ متقدمة”.
بهذه العبارة الموجزة يضع الشهيد صدام حسين (رحمه الله) المبدع في مقام الفاعل والمؤثر في تشكيل الواقع، وهو الدور الذي يشهد اليوم تراجعًا ملحوظًا في المشهد السوداني. ففي معمعة الأحداث المأساوية المتسارعة، يواجه المبدع السوداني، حالة من الخذلان والإرهاق وتحديات النزوح واللجوء وسوء المنقلب. هذا التراجع يطرح سؤالًا مهمًا، هل ينحاز المبدع لأوجاع الناس وهمومهم، أم يتوارى خوفًا أو عجزًا عن التعبير عن الأزمة؟ وهل يمكن للمبدع أن يلتزم الصمت والتردد ويظل مبدعًا في الوقت ذاته؟

المؤكد أن دور المبدع يتجاوز حدود التعبير الفني إلى التأسيس لثقافة مجتمعية تخدم الوطن من خلال المبادرات والمشاريع النوعية. فالوطن رغم غياب البيئة المحفزة للتفكير والإبداع ، في أمس الحاجة إلى مبدعيه، كل في مجاله وحسب قدراته. وحده المبدع الملتزم قادر على وصل ما يبدو متباعدًا، والتعبير عمّا يعجز الآخرون في التعبير عنه. فالإبداع، في جوهره فعل مقاومة ضد القبح، ونداء يتعالى فوق دوي القصف.

كما وبالضروره التأكيد على أن غياب المبدع عن المشهد أفسح المجال لظواهر سطحية مزعجة، من (قونات) وصحافة ابتذال، إلى إعلاميي الدفع المقدم وسياسيي الطلب، مرورًا بناشطي وسائل التواصل الذين يروّجون لخطابات الكراهية والحرب.

لكن ما لا شك فيه أن الكلمة الحرة لا تموت، وأن الأرض التي أنبتت عظماء الفن والأدب والفكر والسياسة حتمًا ستعيد أبناءها من جديد، حاملين مشاعل الأمل والإبداع المنحاز إلى قضايا البسطاء والكادحين، وسيصبح الوطن قادرًا على تحدي الموت بالغناء، وهزيمة الحرب بالقصيدة، ورفع نداء الوحدة والسلام بالكلمة الصادقة.
وسيبقى الوطن، رغم الجراح، واقفًا شامخًا رغم أوجاعه.
وإلى صبحٍ جديد.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.