هل يصح أن يكون الإمام من العبيد ؟؟؟!

من حكاوي دكتور معاوية الشفيع

حكى الشفيع السناري “دكتور معاوية الشفيع”، أن أحد الرمضانات، صادف وجوده في معتقل”114″ الشهير في مدينة ود مدني الجميلة أبدًا.
كان النهار، طويلًا، طبعًا، كنهار أي رمضان، لكنه في السجن، يتمدد، ثم يطول، ليطول، ويطول تاني.. في السجن، حتى بالنسبة للوقت- تظل”الفورة مليون”.
كنا طلابًا، في ج. ج. (جامعة الجزيرة، ذلك الصرح الذي ولد بأسنانه:أكاديميًا، ونضاليًا.)
كان الكيزان قد أعلنوا، قبول أول دفعة جامعية، بلا مجانية تعليم، وكنا قد “وقفنا قنا”، ضد هذا القرار، أضربنا، فضربنا. وتظاهرنا، فما ظهرنا، عليهم، أغلقوا الجامعة.
فتحت الجامعة، أبوابها، لطلاب الدفعة/الضحيةالأولى، منفردين، جئنا من بيوتنا، من مدني ومختلف أصقاع السودان، قلنا: يجب ألا نترك الكيزان “يستفردون” بالبرالمة. أُقيمت أركان نقاش، وصدرت صحف حائطية، تفضح النظام، وإدارة الجامعة المتكوزنة، وتنظيم الاتجاه المتأسلم.
لا أطيل عليكم، فقد تم اعتقالي، والحديث مازال للشفيع السناري، والأخ Elhassan، والأخ محمد الشيخ الطيب، ونفد الفردة Osman Saad بجلده إلى “كرش الفيل” هكذا كنا من أوائل نزلاء بيت أشباح “114”، بعد أن تم تدشينه معتقلًا سياسيًا، كريهًا، من قبل العصابة المندحرة.
“114” حي عمالي مسالم، يسكنه عمال الري والحفريات، كان لي شرف قرابة، اثنين من سكانه، ما إن علما بوجودي (جارًا لهما) حتى وضعت زوجتاهما، وهما قريبتاي أيضًا-، برنامجهما، بأن يكون فطور رمضان، بالتناوب بينهما، يوصله إلينا “مخلص” الذي، كان، لما يزال طفلًا، بعد. (لكنو كان ولد حربي) له التحية وهو ينحت صخر الغربة، لتشكيل حياة أفضل.
كنا نستيقظ لصلاة الفجر، ولا أذكر ماذا كنا نفعل، لكني أتذكر، جيدًا، أننا كنا نعرف الساعة الثانية ظهرًا من صافرة الورشة، معلنة للعاملين بها، انتهاء كدح يومهم. ثم لا شيء يشي بالوقت، غير “كركبة” مخلص، المُخلِّص، أصوات يصدرها من الجهة الخارجية لسور المعتقل، الخلفي، في طريقه، لمكاتب الأمنجية عند البوابة الرئيسية، معلنا اقتراب موعد الإفطار، ومبشرًا بطعام رمضاني منزلي سوداني، أصيل، ولذيذ طبعا.
كان الامنجية، يأكلون معنا من زادنا في معظم الأيام ، وكنا نرحب بهم، في مائدتنا بطبيعة الحال، فقد كانوا غلابة وكادحين، ولم تكن أدلجة (الجهاز)، قد تمت بعد. كانوا مجرد أناس غير مؤهلين، لا لأوهام الترابي قد عملوا، ولكن لمجرد أكل العيش.
كان هناك كيزان طبعًا، وقد شهدناهم يعذ-بون، “أخونا في الشلاق”، الصنديد صلاح أبوالروس، طيب الله ثراه.
بعد أيام من اعتقالنا، أضيفت إلينا مجموعة من عمال محالج مارنجان،(نشكر للجنة تفكيك التمكين، استعادتها)، قيل أنهم دعوا لإضراب، في حين أنهم لم يفعلوا غير المطالبة بحقوقهم المشروعة، (هكذا اكتسب الكيزان العداوات)، العمال “المارنجانيون”، كانوا رجالًا، فاضلين، وراكزين، ومثل هؤلاء لا يحبون الكيزان، ولا الكيزان يحبونهم..
كنت إمام الصلاة بالمعتقلين، يسترسل دكتور معاوية، وما تضحك، يا Osama Jalil – أول مرة صلى معنا الأمنجية، صلاة المغرب، بعد أن شاركونا إفطارنا، سأل أعلاهم رتبة، من الإمام؟؟ فأشار الرفاق ناحيتي، فقال الأمنجي: اتقدم، صلى بينا.
قلت له: يؤمنا واحد منكم.
– ليه، انت إمام الناس ديل؟؟
(وأشار للمعتقلين)
-نعم.
-خلاص، أبقى أمامنا كلنا،
كده ما بتنطبق علىّ، شروط الإمامة.
استغرب وصرخ:
-كيف يعني.؟؟
-أنا حريتي، مصادرة، ملغاة، يعني في حكم العبد، والعبد لا يصلي بالناس.
وقف وقال بصوت عالٍ، وقد أزعجه تذكيره بدور الجلاد، الذي يلعبه-:
-قووم صلِّى بينا وبطِّل الفصاحة.