لماذا أضعف الإسلاميون الجيش؟

يعتقد الإسلاميون أن الجيش كمؤسسة هو بناء استعماري غربي، مثله مثل كل مؤسسات الدولة بل أن الدولة القومية بمؤسساتها الحالية منتج غربي غير إسلامي، ورغم أنهم لا يمتلكون بديلاً نظريًا ولا حتى عمليًا لكيفية بناء الدولة أو الحكم، فقد توقفوا عند أشواقهم بدولة الخلافة وهي أشواق في جوهرها تحمل وحدة المسلمين على عقيدة الدين وليس الانتماء الوطني أو القومي.
▪️وكلنا تابعنا حديث د. الترابي أنه لا يوجد جيش في الإسلام عندما حاول التبرير لتصفية الجيش من عناصره الوطنية تحت ما يسمى بالصالح العام.
▪️سياسيًا رأي الإسلاميون أنه يجب تفكيك مؤسسات الدولة باعتبارها مؤسسات غير إسلامية وذلك لمصلحة مؤسسات التنظيم، ومن ضمن هذه المؤسسات كانت المؤسسة العسكرية من أهم المؤسسات التي يجب تفكيكها لمصلحة تنظيمات الحركة العسكرية، لكي يضمنوا وجودهم الدائم في السلطة.
▪️فهم بالأساس لا يعترفون بالجيش فقد حاربوا الجيش في العام 1976م عندما كانوا جزء من الجبهة الوطنية والتي كانت تضم معهم حزب الأمة بقيادة الإمام الصادق المهدي والحزب الاتحادي بقيادة الشريف الحسين الهندي، وانطلقوا حينها من الجماهيرية الليبية حيث كانوا مدعومين من العقيد القذافي وسماها نميري في ذلك الوقت حركة المرتزقة.
▪️ولذلك كانت خطة الحركة الإسلامية للاستمرار في السلطة هي السيطرة على الاقتصاد (المال) والإعلام والسلاح.
ولذلك نجد أن كل هذه المؤسسات انتقلت لتكون جزء من التنظيم.
▪️لذلك منذ أول يوم تم أضعاف الجيش برفت وفصل كل الكوادر العسكرية المؤهلة وإفراغ المؤسسة العسكرية ليس من الضباط الوطنيين فقط؛ وإنما تفريغها حتى من العساكر والجنود وإنشاء منظومات عسكرية بديلة مثل الدفاع الشعبي والأمن الشعبي والكتائب الجهادية وهيئة العمليات، وتركوا مؤسسة الجيش تمثل حالة رمزية يحتاجونها كشرعية مؤسسية يحكمون من خلالها بعد تسكين الضباط الذين ينتمون للحركة الإسلامية داخلها.
▪️لذلك دائمًا ما أُصاب بالدهشة عندما يتهم الإسلاميون خصومهم السياسيين بأنهم يريدون تفكيك الجيش، رغم أن هؤلاء المعارضون لنهج الإسلاميين ينادون ب: – تأهيل المؤسسة العسكرية وإزالة تمكين الإسلاميين منها.
-أن يكون في البلاد جيش واحد يحتكر السلاح ويكون جيش مهني محترف له عقيدة وطنية لا يتدخل في السياسة ولا يمارس التجارة والأنشطة الاقتصادية.
ولذلك يرفض الإسلاميون المساس بالأجهزة العسكرية والأمنية لأنهم يريدون جيش ضعيف، وأن تكون القوى العسكرية الأساسية هي في تنظيماتهم المسلحة حتى يضمنوا تواجدهم في السلطة، وحتى لو اندلعت ثورة شعبية يتم قمعها بواسطة كتائبهم لأن بالتجربة وجدوا أن الجيش في حالة الثورات والانتفاضات ينحاز دائمًا للجماهير، وحتى لو نجحت الثورة في إزالتهم وعبر أذرعهم العسكرية يقومون بتعطيلها ثم القضاء عليها كما حدث في ثورة ديسمبر.
كشفت هذه الحرب بشكل كامل وضع الجيش والذي كان يعتمد على التمليش والقوات خارج إطار المؤسسة، وعندما اندلع الصراع المسلح لم يجد الجيش إلا كتائب الإسلاميين الجاهزة بحكم أنهم هم من أشعل فتيل الحرب، ولكن هذه الكتائب لم تكن قادرة بمفردها على مواجهة الدعم السريع، فتم استيلاد مليشيات جديدة فكان درع السودان والأورطة الشرقية والتشكيلات القبلية وما زال الحبل على الجرار.
▪️يمكن لهذا الوضع أن يفسر لماذا اندلعت الحرب ورغم وجود عوامل أخرى لكن نسبة لتعدد الجيوش وكذلك تقاطع الأجندة بين هذه الجيوش التي لم تعد مجرد جيوش ومليشيات فقط؛ وإنما لها أجندة خاصة بها تجاه السلطة والثروة. فكان لابد من الصدام. ولذلك عندما كنا ننادي بدولة مدنية ديمقراطية فيها جيش واحد، كنا نعمل على تحاشي هذا المصير الذي هو نتيجة لتعدد الجيوش، أحد اسوأ التعقيدات والتحديات والكوارث التي نتجت عن حكم الإسلاميين.

خاتمة: مادفعني لكتابة هذا المقال القصير أن هناك روايات بديلة للحقيقة تستخدم في التشويش والتضليل في هذه الحرب، وتحميل قوى مدنية لا علاقة لها بالحرب، بتكوين المليشيات وأنها تدعو لتفكيك مؤسسة الجيش.

#احمد_بابكر