
قلم : ماجد الغوث
لايمكن قراءة الأحداث الوطنية التاريخية الكبرى بشكل مجزوء دون إدراك الدوافع من وراء الفعل نفسه. والتأخر في إدراك الحقيقة يُعد من مخاطر العمل الوطني والقومي. في حين أن القراءة السطحية الغير عميقة هي التي تسعى جاهدة لعزل أي عمل عن سياقه الزمني والتاريخي، فتطور حركة ودوافع التغيير ترشد جميع الأجزاء التي يتصور البعض إفتراقها الدائم عن دوافعها العميقة . فالشرائح الاجتماعية وقواها الحيٌة صاحبة المصلحة في التغيير هي التي يهمها تعزيز المواقع النضالية من أجل القضاء على الأنظمة العسكرية الصٌرفة، كما، يهمها الحفاظ على النظم الوطنية ذات الاتجاهات القومية.
الفترة الواقعة بين السنوات 1982 لغاية 1985، أخذ نضال الحزب في السودان مداه الكامل على المستوى السياسي والتنظيمي، وعمل على أن يكون له دوره ومواقفه التاريخية، وسعى إلى إيصال صوته رغم شتى العقبات، من توسع أفق وعمل المشاركة الجماعية من خلال حركة 28 رمضان، وقد رافقت تلك الفترة الزمنية ، أحداثاً مهمة على مستوى النضال الوطني، تمثلت في الآتي :
— ظهرت أزمات اقتصادية حادة [ المجاعة ] التي حاول نظام 25
مايو وشركاؤه التستر عليها .
— إعلان نظام 25 مايو ما يسمى بقوانين الشريعة الإسلامية [ قوانين سبتمبر ]
— تكوين محاكم الطوارئ التي قامت بجلد وقطع أطراف الجوعى وصلت حد الردة للمعارضة السياسية
— تنفيذ عقوبة الإع-دام على زعيم الجمهوريين ..
— محاكمة البعثيين بقانون ردة الكيزان لشل نشاط الحزب ضد نظام 25 مايو وحلفاؤه .
ولكن تزايد نشاط الحزب ضد أحزاب المصالحة التي شاركت مع نظام 25 مايو ، وتزايد عمله الدؤوب في الشارع العام ووسط القطاعات العمالية والطلابية . وكوّن الحزب تجمع الشعب السوداني بجناحيه المدني والعسكري، الذي ضم بالإضافة لحزب البعث، مجموعة الشريف حسين، وحزب سانو، وبعض من الشخصيات الوطنية . وتمت مداهمات واعتقالات أمنية من أجهزة نظام مايو بمساعدة جماعة الأخوان ضد البعثيين وأصدقائهم .
ومن هنا امتلأ الجو العام بالأفكار السياسية التي نشرها البعث مع حلفائه المعارضين من تجمع الشعب السوداني ، وكان النشاط يتجه نحو التعبئة العامة وتهيئة الجو الخارجي والاستعداد الفكري والنفسي السياسي لمناجزة النظام الذي تم إسقاطه في انتفاضة مارس / أبريل 1985 .
وهنا لابد من التمييز لمسألة غاية في الأهمية، بين الحزب وهو الأساس كما يتمثل في مؤتمراته وقيادته، وأدبياته السياسية المبذولة للجميع، وهو كتلة واحدة وفيه حزبيون عقائديين ملتزمين، وبين، الجهاز التنظيمي بقيادته ومكاتبه المختلفة، ولكل منها عمله التنفيذي.
ونحن الآن أمام انقضاء أكثر من ثلاثة عقود على قيام حركة 28 رمضان وبعد ظهور وثائقها السياسية ودوافعها الوطنية ، وانتماءات عناصرها الوطنية، نخلص إلى الآتي من زاوية برنامجها الوطني :
1- حركة 28 رمضان مساهمة عسكرية مصحوبة ببرنامج تجمع الشعب السوداني المنجز في العام 1983 المرحلي أرادت أن تؤدي مهمتها الوطنية في حدود اهدافها المرسومة .
2- فتحت حركة 28 رمضان ثغرة الانطلاق والاندفاع – لاحقا- أمام التفكير الانقلابي والعمل النضالي، الأمل والتفاؤل .
3- فتحت الطريق أمام تراكم الثورة الشعبية السلمية التي حدثت في 19 ديسمبر 2018 .
4- حطمت – لاحقا – الأصنام التي احتمت في القصور ، وزعزعت القصور التي حمت أصنام بقايا مايو وربيبتها حركة الإسلام السياسي .
5 – أكدت أن بلوغ الأهداف الوطنية لاتتم وهلة، ولاتتم بصورة من دون نضال مستمر .
6- رسمت برنامجاً أُضيف إلى برنامج ثورة ديسمبر المجيدة ، في الجانب القانوني والجنائي .
7- أفاق الشعب السوداني بأن أولئك الذين يريدون أن يتحكموا بالشعب نازلتهم قوى – من نفس المؤسسة العسكرية – كادت أن تقضي على عروشهم وعهدهم، مما أدخل فيهم – خلعة – لم يتخلصوا منها بعد .
8- طبيعتها المعبرة أعمق تعبير عن طبيعة المرحلة التي تجتازها .
9- أدركت بأصالتها وثوريتها الأخلاقية أن الذي يحدد هذه المرحلة ويمنحها معناها التاريخي النبيل هو تبني عدم العنف تجاه خصومها .
10- إعطاء الضبط العسكري مفهوماً جديداً بما يجعله يتلائم ويتناغم مع الضبط الثوري في سياق أهدافها.
11- التعبير الواعي عن الوطنية المصاحبه لأفرادها – بشهادة خصومهم –
حركة 28 رمضان قامت على قانون يرى أن القيمة في الجُهد قبل أن تكون في ثمرة الجُهد …..
رحم الله شهداء 28 رمضان
وقوى من وقف خلفها ودعمها …..