في الذكرى الأربعين لانتفاضة مارس – أبريل

يحتفي أبناء وبنات شعبنا بالذكرى الأربعين لانتفاضة مارس – أبريل المجيدة، التي تمكن فيها شعبنا الأعزل، إلا من الإيمان والعزم وصلابة الإرادة، من الإطاحة بنظام جعفر نميري الذي بايعه المتأسلمين بزعامة الترابي إمامًا للمسلمين، وهي المرة الثانية، التي يطيح فيها بنظام دكتاتوري، خلال أقل من عقدين من الزمان، بوسائل النضال السلمي الديمقراطي.
لذا كانت انتفاضة مارس – أبريل 1985، بمثابة تجديد وإحياء لانتفاضة أكتوبر/ تشرين 1964، وتأكيد لقدرة شعبنا على تقرير مصائره وبلوغ تطلعاته بنفسه ودون وصاية من أحد. وتجيء هذه الذكرى العطرة، في وقت تشهد فيه البلاد ح-ربًا مريرةً، أشعل فتيلها التطلع والتنافس غير المشروع على السلطة وبوسائل لا ديمقراطية، أدت لموت وتشرد الملايين من أبناء وبنات الشعب، في أكبر مأساة تشهدها البلاد منذ أن نالت استقلالها السياسي، بالإضافة إلى تدمير مدروس لمرافق الإنتاج والخدمات والبنى التحتية والعمرانية.
إن الح-رب التي وصفها أحد طرفيها بالعبثية، تقترب الآن من إكمال عامها الثاني، كانت حلقة من مخطط لإجهاض الانتفاضة التي أخذت بعدًا ثوريًا وشعبيًا واسعًا في ديسمبر 2018، ومنعها من بلوغ أهدافها في الحرية والسلام والعدالة، مثلما حدث لانتفاضة مارس – أبريل، حيث عرقلت بقايا مايو مسيرة الانتفاضة نحو غاياتها من خلال الدور التبادلي الذي اضطلعت به جبهة الترابي والاستخبارات العسكرية، وتوجت ذلك بانقلاب 30 يونيو 1989، الذي دبرته الجبهة “الإسلامية” القومية. وقد عملت الجبهة خلال ثلاثة عقود من الحكم على قطع الطريق أمام أي انتفاضة ضد حكمها الدكتاتوري، بدءاً من إلغاء الدستور وحل الأحزاب والنقابات وتعطيل الصحف الحرة، وانتهاءً بحملة ما سمي الفصل للصالح العام والتضييق على النشاط الطلابي والجماهيري، إضافة إلى تبني العنف والخصخصة على نطاق واسع، التي استهدفت، فيما استهدفت، تصفية القوى الديموقراطية في جهاز الدولة والمجتمع، التي ترفد النقابات والأحزاب بالعناصر الصلبة المناضلة، مثلما استهدفت إضعاف وتطهير القوات المسلحة من العناصر الديموقراطية، المرتبطة بالحركة الشعبية والجماهيرية، للحيلولة دون انحياز الجيش للشعب، كما حدث في انتفاضة مارس – أبريل 1985، ومن قبل في انتفاضة أكتوبر 1964، مما كان له الأثر الحاسم في انتصار الانتفاضة في الحالتين، في فرض التغيير على مستوى قمة النظام، ومن ثم تمكين عناصر الجبهة المتأسلمة وقوى الردة في جهاز الدولة والمجتمع المدني، ومع ذلك، فإن تآمر قوى الردة، الذي تعددت أشكاله، قد حال دون تحقيق الأهداف التي انتفض من أجلها الشعب مما جعل مهمة الثورة، بندًا معلقًا، ينتظر الإنجاز بتعزيز مطلوباته النضالية والجماهيرية والتنظيمية.
غير أن القمع والكبت لم يثنِ شعبنا، وقواه الحية، السياسية والاجتماعية، من النضال المثابر، ولم يحمِ الأنظمة القمعية من السقوط الحتمي وتصعيده وتواصله حتى لا يكون سقوطًا شكليًا، كما ظل يؤكد حزب البعث، وتلك كانت حكمة الانتفاضات الثلاث، التي سطرها شعبنا لأحرار العالم في كتاب التاريخ، منذ الاستقلال، ومنها يستمد عزمه لتغيير حياته نحو الأفضل.
وفي ذكرى الانتفاضة، ضمن الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد، تشتد الحاجة لوحدة القوى السياسية والاجتماعية والديموقراطية، في جبهة شعبية عريضة للديمقراطية والتغيير، لتنهض بدورها في تعبئة الرأي العام في الداخل والخارج وتأطيره من أجل وقف الح-رب، واستعادة مسار التحول الديموقراطي وإنجاز أهداف انتفاضة ديسمبر وما أفرزته الح-رب العبثية، بوسائلها السلمية المجربة، التي هي أهداف انتفاضة مارس – أبريل .
وهي ليست بالعصية، على الشعب، عبقري الانتفاضة، صانعها ومجددها.

المجد لشهداء الانتفاضة المتجددة على طريق الوحدة والسلام والعدالة والديمقراطية المستدامة.

الإجلال لشهداء حركة 28 رمضان المجيدة ولشهداء وضحايا الح-رب المدمرة.

النصر حليف شعب فلس-طين ووقف العدوان ولشهدائه الخلود .

كلمة الهدف
2025/3/20
20 رمضان 1446