اخر ما كانت تتصوره الأمم المتحدة، فيما يليها من أدوار، في مختلف أنحاء العالم، هو أن تقوم بدور “الألفة”، لوقف “الهرجلة” التي شغلت فضاء السودان الانتقالي، عقب الكشف عن محاولة انقلابية فاشلة. فعلى خلفية الفراغ القيادي،بما هو حكمة ورشد سياسيين، وتجرد وسمو على المصالح والتحيزات الضيقة، إلى فضاء القومية، بادر فولكر بيرتس، رئيس بعثة يونيتامس، بالاتصال بالاطراف المعنية لوقف التصعيد الإعلامي. يعني، التدنى، غير المسبوق، الذي دفع بالخطاب السياسي، لكبار المسؤولين في الدولة، إلى الدرك الأسفل من الهتر.
لقد شاء البرهان، خلال أزمة اليومين الماضيين، التي تكشفت فيها أزمة القيادة، في أقصى تجلياتها، أن يقدم نفسه في اهاب أضيق من الإهاب القومي. وسمح لنفسه، وهو الرمز السيادي، بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية للقوى السياسية، والاصطفاف إلى جانب منها ضد الآخر، واستخدام لغتها وخطابها، عن الاختطاف الثلاثي والرباعي، وما شاكل ذلك.
ويبدو أن سيادته، ومن موقعه تحيزه لجماعة سياسية، بعينها، أو ماعرف في الأدب السياسي، بلجنة قوش الأمنية، تفادي المضي حتى النهاية في التعريص بالاختطاف المزعوم، إلى حد التنديد بشراكة الدم، كما تقول بذلك قوى سياسية ومهنية، منافسة…
البرهان لم يوضح تفصيلا مايقصده بالاختطاف، والأمر المخطوف، والجهات الخاطفة… الخ، اكتفي فقط بترديد الاكلشيهات، لتعيين موقعه من الصراع داخل القوى السياسية، دون اعتبار لما يفرضه عليه موقعه، من حياد وعدم التحيز السياسي ، ومن التزام بالقومية، ومن تسام فوق الصراعات والانقسام آت، بما يجعله حكما وفيصلا في تلك الصراعات والانقسامات.