مخطط الفتنة والفوضى بجنوب كردفان والمعالجة المطلوبة

مخطط الفتنة والفوضى بجنوب كردفان والمعالجة المطلوبة

كلمة الهدف 12 يوليو 2021

ظلت التوترات والصراعات القبلية والعشائرية ملازمة للحرب الطويلة في المنطقة، التي وظفت فيها القبائل كدروع بشرية للسلطة المبادة، وكوقود في مواجهة جيش الحركة الشعبية بالوكالة، ووزعت السلاح بكثافة في أيدي المواطنين، ولكن النزاعات القبلية لم تبلغ مرحلة الحرب والاصطفاف العشائري، إلا بعد دخول عامل جديد في الصراع، وهو النزاع حول مورد الذهب وحيازة الأرض، الذي زاد من وتيرة الاحتكاكات البينية، ونقل المنازعات التقليدية التي كانت في السابق تُحل عبر المستقر والراسخ من الأعراف والجودية، نقلها إلى مرحلة جديدة من العنف، في ظل غياب أو تغييب سلطة القانون وهيبة الدولة. مضافاً لها مؤامرات عناصر وفلول النظام المباد التي تحولت إلى قيادة قبائلها وتعبئتها لخدمة أجندتها التخريبية والتفتيتية بمجرد سقوط نظامهم، وقد أشارت “الهدف” قبل أكثر من عام إلى مخطط الفتنة الذي تسعى فلول وقوى الردة عبره لتفجير المنطقة أمنياً واجتماعياً، حمايةً لنفسها ومصالحها، لتختلط الأوراق، وتتداخل الخنادق، وتنجو من جرائمها التي لا تحصى.

إن الأحداث الدامية التي عاشتها مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان، تضع الحكومة الاتحادية، وحكومة الولاية، والسلطات الأمنية، إضافة إلى قوى التحول السلمي الديمقراطي، ولجان المقاومة والخدمات، وكل الحادبين على أمن واستقرار الوطن، أمام تحدي حقيقي، يفرض على الجميع التعامل بأعلى درجات الجدية والمسؤولية، والالتزام الوطني والأخلاقي، حتى نقي المنطقة وأهلها ونسيجها الاجتماعي شرور الانزلاق إلى مستنقع الفتنة والفوضى، التي ظلت تسعى لها فلول النظام المباد والمنتفعين من سياساته، الذين نصبوا أنفسهم وكلاء لشركات التعدين عن الذهب وخدماتها، وسماسرة لها بين المواطنين.

إن المستنييرين من أهل المنطقة، وحكمائها، وشبابها، ومنظماتها المدنية، وقوى الحرية والتغيير، ونشطاء إعلام الثورة، مطالبون، أكثر من أي وقت مضى، لتزكية الروح الوطنية وتعزيز الرابطة الوطنية وبتعرية مخطط الفتنة، وأهدافه التفتيتية، الذي تنفذه قوى الثورة المضادة، وفلول النظام المباد، وتبصير المواطنين بأبعاده وخطورته على السلام المجتمعي، وازدهار روابط التعايش السلمي، والتآخي الوطني، وعلاقاتهم التاريخية الضاربة في جذور الوعي الوطني، ويكفي أن المنطقة التي يسعون إلى زعزعتها الآن، هى مهد الثورة المهدية الأول، وشعلة الانتفاضات التي رافقتها، وكانت امتداداً لها.

الحكومتين الاتحادية والولائية، مطالبتان باتخاذ إجراءات احترازية فورية تحفظ أرواح الأبرياء، وتهديء من روعهم، والقبض على كل رؤوس الفتنة وتقديمهم للعدالة، وإغاثة المتضررين من السكان، ومحاسبة كل الجهات المتسببة والمقصرة والمتساهلة في هذه الجرائم سواء وسط شركات التعدين عن الذهب، أو زعامات الإدارات الأهلية، والسلطات المعنية بضبط الأمن وحراسته.

ولا يفوت على فطنة القاريء دلالات تزامن أحداث جنوب كردفان بأحداث الشرق في بورتسودان، والشواهد التي تؤكد وحدة مخطط الفوضى الذي يهدف إلى إجهاض الفترة الانتقالية، وإعادة عقارب الساعة للوراء، كما أعلنوه في ذكرى 30 يونيو، بعد كل الأرواح والدماء والمعاناة التى بذلها شعبنا في انتفاضته النوعية، من أجل السلام والحرية والعدالة والتقدم الاقتصادي والاجتماعي.