
شئ من حتى
د. صديق تاور كافى
التحركات الدولية و الإقليمية بخصوص إنتفاضة شعب السودان ضد نظام عمر البشير و منظومته الخالفة، مقروءة مع التسريبات التى رافقتها خلال الأسابيع القليلة الماضية، تفيد بوجود تقاطعات حادة بين القوى المتحركة و سيناريوهات متنافسة، كلها متربصة بنتائج هذا الحراك الكبير، بعد أن تيقنت بإستحالة تراجع هذه الثورة للوراء.
الأهم فى الأمر أن أى من هذه السيناريوهات لا يهتم بمصالح السودان، و فى نفس الوقت لا يمكن له أن يمر دون مخلب قط سودانى متحرك على الأرض.
اللاعب الأساسى فى المسرح السودانى، هو الولايات المتحدة الأمريكية بتحركاتها الدبلوماسية الواضحة، حيث لا تظهر أدوار مشابهة للصين أو روسيا، بينما إكتفت المنظومة الأوربية بالتحرك من داخل العباءة الأمريكية. و إقليميا كشفت صراعات النظام الداخلية عن معسكرين متصارعين، هما معسكر قطر-تركيا و معسكر مصر-السعودية-الإمارات.
لقد طرحت الولايات المتحدة حسبما أوردته ال (بى بى سى ) سيناريو الخروج الآمن لعمر البشير بالتنازل عن السلطة، مقابل سحب ملف السودان من المحكمة الجنائية الدولية. يتبع ذلك حكومة إنتقالية وظيفتها تهيئة الأوضاع لإنتخابات عامة. و هو نفس ما جاء به الصادق المهدى تحت عنوان الهبوط الناعم، الذى يضمن زوال النظام و بعض رموزه، مع إستمرار ركائزه و دولته العميقة.
هذا المشروع واضح انه ليس وليد الظروف الحالية، و إنما نتاج طباخة قام بها الصادق منذ مغادرته السودان، و تحركاته بين القوى السودانية المعارضة (نداء السودان ) و بين البلدان المضيفة أيضا.
و قد شملت التحركات الأمريكية داخليا الأطراف التى خرجت من النظام بعناوينها المختلفة (قوى الحوار الوطنى)، حسبما أفادت التسريبات. و بالتالى يمكن أن تتشكل كتلة جديدة تحسب على معسكر التغيير، و لكن على الطريقة الأمريكية (تغيير صورى ).
يظل نظام الإنقاذ و المستفيدين منه ضرورة لتأمين المصالح الإستراتيجية الأمريكية، فى السودان و المنطقة الإقليمية. لذلك لا يمكن الإستغناء عنه دون ضمان البديل الذى يضمن إستمرار هذه المصالح المتعارضة جملة و تفصيلا مع المصلحة الوطنية. فالنظام الذى فصل جنوب السودان، و دمر القطاع العام، و أضعف روح الإنتماء الوطنى، بالفتن و الحروب الداخلية، و أنهك الإقتصاد بسياسة التحرير و الخصخصة، هذا النظام لا يمكن أن يوجد أفضل منه وفق السياسة الدولية الأمريكية على مسرح البلدان النامية فى آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية.
مشكلة رعاة هذه السيناريوهات و القوى التى ارتضت لنفسها دور مخلب القط، أنهم لا يضعون حسابا أو وزنا لأصوات الشارع المنتفض، مع أنها المحفز و القول الفصل فى هذا الصراع. لم تخرج هذه الجموع أو تهتف لشعار (تسقط بس ) صدفة أو إعتباطا، بل هى تعى ما تقول و ما تريد و قادرة على كشف أى تآمر على نضالاتها و تضحياتها.
موكب7فبراير
تسقط_بس