ياسر عوض المثقف العضوي، صانع المحتوى الإبداعي

صحيفة الهدف

بقلم البخيت النعيم

في نوفمبر الماضي، غيب الموت، المخرج التلفزيوني والناقد الأدبي والصحافي، ياسر عوض علي عبدالله .الذي تخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، حيث برزت قدراته الإبداعية، في كثير من المحافل الثقافية، في السودان والعراق وغيره، في الإخراج والمسرح، وإعداد البرنامج، كما عمل مخرجًا في قناة الشروق ومديرًا لتلفزيون ولاية الخرطوم، حيث ترك بصمات رافعة للعمل الإداري والإخراج والمنوعات والأخبار.

تعرفت على المبدع ياسر عوض،  قبل سنوات وشاركنا معًا مع الأديب حماد يونس والصحافي عبد الباقي الضو ومجموعة من المبدعين، في تكوين عدد من اللجان والمنتديات والمهرجانات الثقافية في العاصمة السودانية، كما أسسنا كورال لحن الحياة ومنتدى إقرأ الثقافي، حيث أقمنا  مهرجانًا ثقافيًا ناجحًا، حضره جمهور كبير وعدد من كبار الاختصاصيين في علوم الموسيقى والنقاد والصحافيين، المهرجان تم بالتضامن مع مركز شباب أمدرمان يوم 15 مارس 2023م، قبل ح-رب 15 أبريل 2023م العبثية، التي كانت خرابًا مصنوعًا من قوى الردة والظلام، التي جمدت ودمرت كل مشاريع الآداب والفنون والثقافة والمعرفة، والجامعات والمعاهد والمتاحف وكل أنواع الوسائط الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة.فالآن في السودان لا توجد صحيفة ورقية.وقد وصف الكاتب والصحافي عبدالله رزق، في كتابه مغرب الصحافة السودانية التقليدية التحديات والرهانات، تحدث عن المأزق الذي تتردى فيه الصحافة الورقية، قبل  وبعد الح-رب.

*ماهية الثقافة الدلالات والأبعاد

من المعروف أخذت الثقافة والمثقف، معاني كثيرة ومفاهيم  متشابكة ومختلفة، ومر المصطلح، بتطورات دلالية عديدة  لدى مفكرين وكتاب  وفلاسفة،  ولدى دوائر المعرفة  التي تطرقت لتعريف الثقافة والمثقف، كالموسوعات العربية والبريطانية والفرنسية والألمانية وغيرها، رغم هذه التعريفات والقراءات، يبقى مصطلح الثقافة  يعبر عن  المحتوى التراثي والفني  والمعتقدات والعادات والتقاليد الحية.

فالمثقف يعيش في وسط اجتماعي وثقافي مشبع بروح الوطن والأرض،  لأنه موجود عضويًا في الحياة السودانية أو العربية أو الإفريقية أو غيرها، لذلك على المثقف دور رافع في التنوير والمعرفة، وطرح الحلول لمشكلات الأوطان، كثيرًا ما أقول في كتاباتي، أن الأزمة السودانية في جوهرها أزمة ثقافية وتنموية.

فالثقافة دينامكية حياة، تتفاعل مع إيقاع الحياة وتؤثر فيه لها حاجات ومطالب ومستلزمات، ولها وسط تنبت فيه، حيث قال المفكر القومي،

أحمد ميشيل عفلق

الثقافة هي الحياة العربية وحركتها وحاضرها ومستقبلها.

لذلك أن رسالة الفنون والآداب، ظلت تحمل الوعي والتنوير والنهضة الثقافية والحضارية، وهي منصة تنشد ترقية المجتمع  والذوق وتحترم  وتصون القيم الدينية والأخلاقية  والإنسانية  والفكرية والحقوقية.

* مقولات الراحل ياسر عوض الحافرة في الذاكرة

في توثيقه، لتطور الثقافة السودانية، منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، طرح أسماء ودوريات ثقافية، حيث أكد أنها ساهمت في بلورت رؤى ثقافية ثرة، وعلى معرفة عميقة، بقوانين الجدل  الثقافي والسياسي والإعلامي، من أجل الثورة والتغيير، ومن الأسماء ذكر الأستاذ عبدالله الصافي وأحمد قباني وعبدالله رزق وبكري خليل ومجذوب  عيدروس ومعاوية البلال  ومحمد الربيع والتجاني حسين دفع السيد والبخيت النعيم والمهندس عادل خلف الله ونادر السماني وحيدر خضر وحماد يونس وأحمد يونس وأحمد طه أمفريب وكمال حسن بخيت  وأحمد نصر وأسامة عبد الماجد بوب وغيرهم، كما أشار للدور الرائد لمجلة الثقافة الوطنية ومجلة الدستور وصحيفة الهدف الثقافي والتلغراف.

* كما رصد الراحل ياسر عوض إيقاع العمل الثقافي بعد انتصار انتفاضة ديسمبر 2018م حيث أكد أنها أظهرت إنتاجات ثقافية رافعة للوعي.حيث استخدم الثواروالثائرات، الأغاني والأناشيد والأشعار والطبول والأناشيد والأهازيج والألوان واللوحات الفنية، وهم يرفعون سلميتهم، في وجه الآلة العسكرية الباطشة، هذا التعبير الثقافي، كان واضحًا  فى الاعتصام التاريخي في محيط القيادة العامة للجيش السوداني، في العاصمة الخرطوم، فقد تحول المكان لمتحف ومعرض، من المفترض أن يكون أثرًا تاريخيًا للاجيال القادمة،  ومعلمًا للنضال الوطني والقومي

*في مخاطبته للجمهور في المهرجان  الثقافي لكورال لحن الحياة ومنتدى إقرأ الثقافي في مركز شباب أمدرمان  في مارس 2023م، أكد أن الثقافة تلعب دورًا  في بناء وتطور المجتمع، وأنها اللحمة الإساسية في تكوين الهوية الوطنية والقومية، في الثقافة يجتمع الوجدان الوطني والقومي  والإنساني ويعبر عن الحضارة  والإبداع، وأكد أن الثقافة هي الترياق الفعال للتماسك والوحدة الوطنية وناشد الحضور ، بضرورة إدارة التنوع الثقافي، بشكل خلاق لأنه عنصر ثراء..

* كما أكد أن مجموعة لحن الحياة الثقافية ومنتدى إقرأ الثقافي، هو تفاعل نشاطات إبداعية، تهتم بالآداب والفنون والثقافة، وأنها نشاط إنساني، يعزز الوحدة الوطنية، والقومية.

* * * أسأل الله أن يرحم ويغفر لصاحب العزف المنفرد  ياسر عوض، أحد رموز الثقافة والإعلام.

* رفيقي وصديقي ياسر عوض، لا أكتب لكي أعزيك فحسب  بل أعزي الثقافة والإعلام والإخراج والنقد الأدبي، لأنه فقد علامة باذخة.

*كان الأستاذ والمبدع ياسر عوض،مهمومًا بمصير شعبنا، كان يراهن على دور الشعب والثقافة والفكر والعلم ، كمحراب لوقف، ح-رب البلهاء العبثية واللعينة.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.