تنطلق غدًا فعاليات الحملة الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة، التي تمتد على مدار ستة عشر يومًا، من 25 نوفمبر—اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة—وحتى 10 ديسمبر، اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وتأتي حملة هذا العام تحت شعار: “اتحدوا لإنهاء العنف الرقمي ضد جميع النساء والفتيات”، وهو شعار يستجيب لتحوّلات العصر حيث انتقل العنف من ساحات الواقع إلى فضاءات العالم الرقمي، موسعًا دوائر الأذى والاستهداف.
لكن بينما يناقش العالم مخاطر العنف الرقمي، لا تزال المرأة السودانية تعيش مأساة مركّبة، يشكّل فيها العنف الجسدي والجنسي والنفسي والاقتصادي جبهات متوازية للانت-هاك، خاصة في ظل الح-رب الدائرة، التي مزقت البلاد ودفعت ملايين النساء والفتيات إلى مواجهة مصائر قاسية.
ففي مناطق الاشتباكات، واجهت النساء انت-هاكات جسيمة من الطرفين، حيث تحوّل الجسد الأنثوي إلى ساحة صراع ورسالة ح-رب. شهدت بعض المناطق حالات اغت-صاب، واحتجاز قسري، واستغلال للنازحات مقابل الغذاء أو الحماية، إضافة إلى إرهاب نفسي ممنهج وصل حد التهديد بالق-تل والإخفاء القسري. وفي المدن، التي سقطت تحت سيطرة السلاح، دفعت النساء ثمن فوضى السلاح والفراغ الأمني، فمن الاعتداء على المنازل، إلى سرقة الممتلكات، إلى الإجلاء القسري من الأحياء—كانت المرأة دومًا الحلقة الأضعف، لكنها أيضًا الأكثر صمودًا.
أما في الواقع الرقمي، فقد واجهت السودانيات موجة جديدة من العنف، تجسدت في حملات تشهير ممنهجة، وانت-هاك للخصوصية، وتهديدات عبر الإنترنت، وتسريب مقاطع خاصة، إضافة إلى استهداف الناشطات والصحفيات عبر خطاب كراه-ية منظّم يهدف لإسكات أصواتهن. لقد أصبح الهاتف المحمول بالنسبة لكثيرات ليس وسيلة اتصال، بل مصدر خوف يومي.
ورغم هذه التحديات، تواصل النساء السودانيات المقاومة بشجاعة لافتة—في مراكز النزوح، في جهود الإغاثة، في الإعلام، وفي الدفاع عن حقوق الإنسان. وهنا يصبح دور الحملة الدولية أكثر من مجرد نشاط سنوي؛ بل منصة لتذكير العالم بأن العنف ضد المرأة ليس حدثًا موسميًا، بل واقعًا يجب مواجهته يوميًا.
إن تحويل شعارات “اتحدوا لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات” إلى واقع يستدعي إرادة سياسية، وتشريعات رادعة، وحماية فعلية للمرأة في مناطق النزاع، وإصلاحًا شاملاً لمنظومة العدالة، إلى جانب دعم الناجيات نفسيًا واجتماعيًا وقانونيًا.
وفي ختام هذه الأيام الستة عشر، يبقى النداء مستمرًا:
لنتحد… ليس في موسم الحملات فقط، بل طوال العام، حتى يصبح الأمان حقًا مكفولًا لكل امرأة وفتاة، في السودان والوطن العربي وإفريقيا والعالم.

Leave a Reply