في ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة 2

في ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة《2》

الرشيد حسب الرسول

“الخميس 22 اكتوبر 1964”
كانت حصيلة يوم الاربعاء 21 اكتوبر أصابة الشهيد احمد القرشي طه، وأصابة الطالب بابكر عبدالحفيظ أصابة بالغة أستشهد على أثرها لاحقا، وعدد من الاصابات الاخرى بين الطلاب جراء العنف المفرط الذي أستخدم لتفريغ مجرد ندوة طلابية داخل حرم جامعي، هرع بعدها أساتذة الجامعة للمساعدة في اسعاف الطلاب ونقلهم للمستشفى.
توافد الطلاب الى المستشفى ليجدوا أن قوات الشرطة كانت تريد حمل الجثمان سريعا من المشرحة و أخذه رأسا الى مدينة “القراصة” قبل أنتشار الخبر، لكن أصر الطلاب على اخذ الجثمان وتشيعيه وحاصروا المشرحة وقضوا ليلتهم حولها لحراسة الجثمان. في الصباح خرج نعش الشهيد في موكب كبير من جماهير الشعب السوداني تقدمه أساتذة الجامعة، الاطباء، القضاة، المحامون، وفي المقدمة سسترات كلية التمريض العالي الى ميدان عبدالمنعم.
حاصرت قوات البوليس المداخل المؤدية الى الميدان لمنع الجماهير من التوافد، والحقيقة التي تحدث عنها الاستاذ شوقي ملاسي في مذكراته قائلا:(الحقيقة التي رأيتها وسمعتها بنفسي مع ألاف السودانين ويجب أن تقال أن الاخوة الدكتور حسن الترابي والسيد الصادق المهدي وقفا عند عربة الجثمان وتحدثا مخاطبين الجماهير وراجين منهم أن يتفرقوا بهدوء و أنهما سيقومان بمعالجة الموقف بحكمة، هنا تقدم الاخ بشير الطيب عضو الحزب الوطني الاتحادي بقوة وحماس وصعد على ظهر عربة الجثمان وخاطب الحشود بالمايكرفون هاتفا الى الجحيم يا عبود الى الجحيم يا عساكر، وهنا أنفجرت الجماهير غضبا وحماسا وهجمت على سيارات الشرطة والجيش وقلبت بعضها وأضرمت النيران في البعض ليتحول التشيع الى ثورة شعبية) “اوراق سودانية ص 69”.
هذه الحقيقة تؤكد ومنذ وقت مبكر حالة العزلة بين هولاء النخب وبين إرادة وتطلعات الجماهير، وهذه الحادثة تؤكد عدم قدرة هذه النخب في قراءة الواقع وساهمت بهذا القصور في الرؤية الى تعميق أزمة بلادنا وظلت تتخبط في مواقفها الى اليوم.