شهادة وجدان: “لم أتمالك نفسي”

صحيفة الهدف

أحمد خليل

{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً}

(سورة الفجر، الآيتان 27-28)

بمجرد أن بلغني خبر رحيل الصديق والرفيق ياسر عوض—تغمده الله بواسع رحمته—لم أتمالك نفسي فاتصلت بأخي إبراهيم حسين وإيهاب الطيب. والغريب أنني طوال فترة مرض ياسر كنت أتحاشى الاتصال بإبراهيم، ربما لأنني كنت أخشى أن أسمع ما لا أطيق، أو كما نقول مازحين: “الهروب ده ما هروب.. ده تأجيل للمفاجآت!”تعرفت على ياسر في بغداد، في واحد من ميادين النضال التي جمعتنا. كان حينها طالبًا بكلية الهندسة، بينما كنا نحن نجوب ساحات التدريب ومنها انطلقنا إلى ورجعنا إلى المقاعد الدراسية في جامعة بغداد كلية الآداب، ومنها إلى الساحات العملية؛ ياسر في التلفزيون وأنا ذهبت إلى الصحف وإبراهيم سلك المحاماة. عبرنا مطبات كثيرة، وخرجنا منها بضحكة، وبصداقات أثبتت الأيام صلابتها.ظل إبراهيم حسين قريباً مني، وكنت قريباً منه، وإن مرت علاقتنا بحالات مد وجزر—ومن باب الدعابة: “لو علاقتنا فيلم كان حيحتاج موسيقى تصويرية!”—لكننا كنا نعود دائماً للقاء، كأن شيئاً لم يكن.في الفترة الأخيرة كنت على تواصل دائم مع ياسر، لم أنقطع عنه وهو في المستشفى. كنت أسأل عنه عبر مجدي علي أو إيهاب الطيب.بغداد كانت البداية: أزقتها، شارع حيفا، الوزيرية، جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة، قرب مقر اتحاد الطلبة السودانيين. هناك رافقنا ياسر في محطات كثيرة، وكان حضوره دائماً يُبهج المكان.إبراهيم حسين منذ عرفته كان القلب النابض لأيامنا. اليوم أرسل لي مقالًا طويلًا كتبه بمداد من المشاعر الأخوية الصادقة. هكذا عرفته دائماً: صادقاً، ثابتاً، يستقبلك بذات الروح.أما ياسر… فكان شخصاً مختلفاً، فنانًا مكتملًا، روحاً لا تتكرر.

{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.