الرباعية بين فرص النجاح واستعصاء الحرب السودانية

صحيفة الهدف

أمجد السيد

تأتي تصريحات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لتضع النقاط على الحروف في لحظة فارقة من مسار الحرب السودانية، حين قال إنّ “بعض الأطراف تتوهم بوجود حسم عسكري للصراع، وهذا لن يحدث”، مؤكدًا أن تقسيم السودان خط أحمر بالنسبة لمصر.

هذا الموقف المصري لا يمكن فصله عن الحراك الإقليمي والدولي المتسارع، الذي تقوده الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، وبريطانيا) في محاولة لفرض هدنة جديدة بين الجيش والدعم الس-ريع، بعد عامين ونصف من الدمار والانقسام والتهجير.

رغم أن الرباعية تمتلك أدوات ضغط سياسية واقتصادية مؤثرة، إلا أن قدرتها على فرض هدنة شاملة تصطدم بواقع داخلي معقد؛ فالحرب السودانية لم تعد مجرد صراع على السلطة بين طرفين مسلحين، بل تحولت إلى حرب متعددة المصالح والولاءات، تتشابك فيها خيوط الداخل بخريطة الإقليم ومصالح القوى الدولية.

الجيش، الذي يواجه ضغوطًا من الإسلاميين الرافضين لأي تسوية سياسية، يجد نفسه بين مطرقة الواقع العسكري المتعثر وسندان الإرادة الدولية، التي ترى أن لا حل سوى بالسلام. أما قوات الدعم الس-ريع، فبرغم مكاسبها الميدانية، تواجه عزلة سياسية متزايدة وضغوطًا متصاعدة من الرأي العام المحلي والدولي.

تدرك القاهرة أن استمرار الحرب يمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وأن سيناريو التقسيم سيخلق دولة فاشلة على حدودها الجنوبية. لذا جاءت تصريحات الوزير عبد العاطي كرسالة مزدوجة دعم لأي جهد دولي يفضي إلى وقف القت-ال والحفاظ على وحدة السودان، وتحذير ضمني من أن أي ترتيبات تتجاهل مصالح الجوار لن تكتب لها الحياة.

الرباعية اليوم أمام اختبار حقيقي: فهل تنجح في فرض هدنة تكون مدخلًا لمسار سياسي شامل؟

النجاح مرهون بقدرتها على توحيد أدوات الضغط، وبتوفر إرادة حقيقية داخل السودان تضع حدًا لعقلية الحرب. فكل هدنة لا تسبقها تفاهمات حول مستقبل الحكم، والأمن، وإعادة بناء الدولة، ستظل مجرد استراحة في حرب طويلة.

إنّ ما قاله الوزير المصري يعكس حقيقة الواقع، لا حسم عسكري في السودان، ولا مستقبل للبلاد إلا بالسلام. ويبقى السؤال الأهم  هل تمتلك الرباعية ومعها القوى السودانية  الشجاعة الكافية لتجاوز معادلة الدم إلى معادلة الدولة؟

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.