توظيف الجنس في الرواية العربية المعاصرة

صحيفة الهدف

إحسان الله عثمان
#ملف_الهدف_الثقافي
الجنس كعنصر أدبي وسردي في الرواية العربية الحديثة ليس نمطًا جديدًا، بل يبدو تجسيدًا لحقائق متجذّرة في التراث العربي بكل مظاهره الشهوانية والشبقية، مثل: كتاب “الروض العاطر في نزهة الخاطر” للنفزاوي، و”الوشاح في فوائد النكاح”، و”نواضر الأيك”، و”نزهة العمر في التفضيل بين البيض والسمر” للإمام السيوطي، وكتاب “رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه ” للإمام أحمد بن سليمان، و”التدبير المعين على كثرة الجماع” للقرطبي، و”في المجون والسخف” للأصفهاني، و”في العشق والباه” لابن القيم الجوزية، و”جوامع اللذة” لعلي بن نصر، إضافة إلى “ألف ليلة وليلة”.
يظهر توظيف الجنس في النصوص الأدبية بتجلّيات عديدة ليحمّله الروائي قضايا سياسية أو ثقافية أو فكرية أو فلسفية، وربما من الضروري أن يخدم البناء الروائي وينسجم مع النص في تجلّياته الإنسانية. وقد تمكّنت الرواية العربية المعاصرة من تجاوز النظرة التقليدية للجنس، مما اعتُبر فتحًا جديدًا؛ إذ جرى توظيف المحمول الجنسي كعنصر فني في بنية السرد، وخاصية حضارية تعيد صياغة المفاهيم وتؤسّس لنمط أدبي جديد ضمن سياقات جمالية ترتبط بالنتاج الاجتماعي والثقافي، وتناقش الواقع وتنصت إليه.
ومن المتغيّرات التي يمكن رصدها في بعض الروايات النسوية العربية خلال العقدين الأخيرين، أن ست كاتبات عربيات ناقشن الجنس في رواياتهن في ظل منظومة مجتمعية عربية ما تزال فيها مفردات مثل “الجسد” و”الحب” و”الجنس” جامدة، محرّمة، ومفرغة من مضامينها الحقيقية:
ليلى سليماني (المغرب): في روايتها “في حديقة الغول “بالفرنسية، الصادرة عن دار “جاليمار”، ناقشت إدمان المرأة ممارسة الجنس خارج إطار الزواج. وتناولت الرواية الصراع الأبدي بين الشهوة والبحث عن المطلق، مركّزةً على قضية الإدمان الجنسي الأنثوي من خلال شخصية “أديل”، الصحافية التي تعيش حياة رتيبة فتبحث عن الإشباع الجنسي خارج الأسرة. وترى سليماني أن من الصعوبة هضم فكرة أن الإدمان الجنسي معاناة حقيقية في مجتمع جعل الجنس مادة استهلاكية في السينما والموسيقى والدعاية.
أحلام مستغانمي (الجزائر): كاتبة وروائية حصلت على الدكتوراه من جامعة السوربون، ونالت جائزة نجيب محفوظ عام 1988 عن روايتها “ذاكرة الجسد”. عُرفت بكتاباتها الجريئة في ثلاثيتها “ذاكرة الجسد، فوضى الحواس، عابر سرير”، حيث تناولت أكثر المشاعر الإنسانية هشاشة وارتباطًا بالجسد.
غادة السمان (سوريا): وُلدت عام 1942 بدمشق، وأصدرت العديد من الكتب التي وصفت بالجرأة وناقشت فيها الجنس صراحةً أو برمزية، مثل: “رعشة”، “أيام معه”، “ليل الغرباء”، “الجسد حقيبة سفر”.
ليلى بعلبكي (لبنان): وُلدت عام 1934، وأصدرت روايات بارزة مثل “أنا أحيا”، “الإلهة الممسوخة”، “سفينة حنان إلى القمر”. أثارت ضجة كبيرة بعد وصف مجموعتها القصصية “سفينة حنان إلى القمر” بـ”الإباحية”، وتعدّ من الأديبات اللواتي ناقشن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة بجرأة غير معهودة.
رجاء بنت عبد الله الصانع (السعودية): وُلدت عام 1981 بالرياض، وأصدرت رواية “بنات الرياض” التي ناقشت علاقة المرأة بالرجل والعلاقة الجنسية بين الجنسين. مُنعت الرواية في السعودية ونُشرت بلبنان عام 2005. يتجه نصها الأدبي إلى التمييز بين “البكارة الدينية” و”البكارة التوافقية”.
نبيلة الزبير (اليمن): شاعرة وروائية، أصدرت رواية “زوج حذاء لعائشة” عام 2012 بعد عملها الأول “إنه جسدي” الفائز بجائزة نجيب محفوظ عام 2002. تناولت الرواية تجربة ثلاث فتيات دخلن عالم الدعارة بظروف مختلفة، مقتحمةً أسوار الدين والجنس، محاولةً كشف المسكوت عنه في المجتمع اليمني والعربي عامةً.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.