
أمجد أحمد السيد
#ملف_الهدف_الثقافي
تبقى الأغنية السودانية زاخرة بأعمال خالدة صنعت وجدان الناس وأثرت وجبة الطرب الأصيل، ومن بين تلك الروائع تتجلى أغنية “أسراب الحسان” التي كتب كلماتها الشاعر حسن عوض أبو العلا، ولحنها وأداها بصوته العذب الفنان الكبير الراحل سيد خليفة.
النص الشعري لأبو العلا مشبع بالصور البديعة التي استلهمها من الطبيعة “أي سرب يتهادى.. بين أفياء الظلال.. مثل عنقود تدلى”. هذه التشبيهات تجعل المستمع أمام لوحة حية تتماوج فيها الطيور والزهور والعناقيد، في انسجام يربط بين الجمال الطبيعي والوجد الإنساني.
غير أن هذا الجمال لا يخلو من نغمة حزينة، فالشاعر يبوح بجرح العاشق الذي لا يجد مقابلًا لهواه “من جمال وجه المذاب.. لو هوانا كان عدلا”. إنها ثنائية الفتنة والألم، اللذة والعذاب، التي تمنح النص عمقًا إنسانيًا.
في هذه الأغنية وضع سيد خليفة بصمته كأحد رواد التجديد في الغناء السوداني. صوته المتدرج بين العذوبة والقوة منح النص حياة متدفقة، بينما جاء اللحن بسيطًا في ظاهره لكنه غني بالتفاصيل، يواكب خفة الصور الشعرية ويعكس تناقضاتها بين البهجة والشجن.
“أسراب الحسان” ليست مجرد قصيدة غنائية رومانسية، بل عمل فني متكامل يجسد مرحلة ذهبية من تاريخ الأغنية السودانية، حيث التقت رهافة الشعر بعذوبة الأداء وروعة التلحين. وهي مثال باهر على كيف يمكن للفن أن يخلّد لحظات الوجدان، ليبقى خالدًا في ذاكرة الناس رغم مرور الزمن.
أي سرب يتهادى بين أفياء الظلال
يتثني في جمال ويغني في دلال
مثل عنقود تدلى بشغاف القلب مال
كطيور حالمات سابحات في العبير
وصلاة ودعاء وابتسام في سرور
فتنة تمشي الهوينا بين منثور الزهور
يا ملاك ياملاك.. يا ملاك الحسن مهلا
انت في زهو الشباب وانا قد صرت كهلا
من جمال وجه المذاب لو هوانا كان عدلا
ما جفا ثغري الشراب
Leave a Reply