
محمد الحاج
#ملف_الهدف_الثقافي
“لا شيء يمكن أن يكون أكثر غباءً من الحرب”
إيمانويل كانط
الحرب هي حماقتنا الكبرى وأسوأ ما أنتجته البشرية. الحرب ليست بطولة، بل مأساة. عندما اندلعت حرب 15 أبريل، رفضنا الح.رب كخيار أعمى لحل المشاكل، وقلنا لا للح.رب. لم نكن نقرأ من كتاب الغيب، لكن كنا نعي أن الح.رب ستضع المواطن بين مطرقتها وسندانها، وتقود الوطن إلى حتفه. وما تفرزه من مرارات وجروح لا تُندمل، وما تتركه من فتوق لا يمكن رتقها، ستبقى ظلالها تخيم على المشهد ردحًا طويلًا من الزمن، إضافةً لما تحدثه من قتل وإهدار موارد، وتدمير بيئة، وتفكيك جغرافيا، وتمزيق أواصر المجتمع، وتضعضع أحلام المستقبل، وتكريس النعرات العنصرية والجهوية، ونزع سيادة الدولة، وفتح الباب أمام التدخل والهيمنة الخارجية…
وبعد أن تجاوزت الح.رب النصف الأول من عامها الثالث وجرت دماء كثيرة تحت الجسر، أصبحت كل المخاوف حقيقةً ظاهرة للعيان. ووجدنا بعد التأمل والمتابعة أن الذين يسوّقون لاستمرار الح.رب لا ينظرون أبعد من أرنبة أنوفهم، ويندرجون تحت الفئات التالية:
الفئة الأولى :هم طلاب السلطة الذين أشعلوا فتيل الح.رب وأرادوها أن تكون حربًا خاطفة، لكنهم نسوا الحكمة التي تقول: من السهل أن تشعل حربًا، لكن الصعب التحكم في مآلاتها ونهاياتها. فغرقوا وأغرقوا البلاد في مستنقع الحرب.
الفئة الثانية :هم المنتفعون والمتكسبون من الواقع الذي خلقته الحرب؛ من أدعياء السياسة واللصوص وأمراء الحرب وتجارها وسماسرتها، قارعي الطبول ونافخي البوق، مضافًا إليهم كارتيلات المال والثقوب السوداء للفساد.
الفئة الثالثة :الذين ينطلقون من منازع عنص.رية وجهوية، يتوهمون أنهم الأشرف والأفضل والأصفى، حراس الدين والوطن والذاكرة، وأن الشمس تشرق من أجلهم، وهم الرأس وما سواهم الذنب.
الفئة الرابعة: هم القطيع، إن غزت غزية يغزو، وهؤلاء يطوفون حول الأنصاب والتماثيل القديمة، ويشكلون الاحتياطي المضموم للعنف والاستبداد والتخلف والفساد.
الفئة الخامسة :أصحاب الضمائر الباردة من الكتاب والصحفيين، الذين ينتهزون المواقف لهثًا وراء منصب أو بحثًا عن لقمة عيش، حتى لو كانت مغموسة في د.م ضحية أو منزوعَة من فم جائع، ومنهم من تحركه نوازع عنص.رية.
وبعد حلول كل هذه الكوارث من تشرد ونزوح وجوع ومذ.ابح وحمامات د.م وم.وت مجاني، يا ليتهم أدركوا أن الحرب لا تحل المشاكل، بل تخلق مشاكل جديدة. أفما آن للجاهل والغافل وصاحب الضمير الميت أن يرعوي عن ضلاله ويعي أن الح.رب هي تجارة الخسران؟
وعلى قول المعري: “تاجر الخسران ليس برابح”
Leave a Reply