- المرأة والطفل في فلسطين والسودان أولى ضحايا الحروب
- المنظمات الأممية دقت ناقوس الخطر لوجود 19 مليون طفل سوداني و660 ألفًا في غزة خارج التعليم
- النساء والفتيات السودانيات يتعرضن لمستويات مروعة من الانتهاكات الجنسية أثناء النزوح وداخل أماكن اللجوء
- المنظمات العربية أبدت عجزًا وقصورًا في التعامل مع أزمات المنطقة وعلى رأسها أزمة السودان
- يجب رفع الضغوط والتهديدات عن المحاكم القضائية لمحاسبة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية
- تضارب المصالح الدولية وتورط القوى النافذة سبب فشل آلية الحماية الأممية في فلسطين والسودان
حوار: طارق عبد اللطيف أبو عكرمة
#الهدف_حوارات
المقدمة:
في عالمٍ تتصاعد فيه أصوات النزاعات والحروب، تبرز أصواتٌ تحمل هم الإنسان أينما كان، وتدفع بقضايا الحق والعدالة إلى الواجهة. السيدة نعمت بيان، مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية، وعضو الهيئة الإدارية في منظمة المغتربين العرب في السويد، هي إحدى هذه الأصوات التي ترفد العمل الحقوقي بخبرةٍ واسعةٍ ومواقفَ ثابتة. من قلب المعاناة الإنسانية في فلسطين ولبنان والسودان، إلى أروقة العمل الحقوقي الدولي، تحمل نعمت بيان رسالةً إنسانيةً تؤكد أن حقوق الإنسان لا تقبل التجزئة. في هذا الحوار، تغوص “حوارات الهدف” معها في أعماق القضايا التي تشغل بالها، وتهتم بها “الهدف” ونستطلع رؤيتها لمستقبل العمل الحقوقي في زمنٍ تحيط فيه التحديات بالإنسان العربي من كل حدبٍ وصوب.
في البداية عرفي نفسك للقارئ؟
نعمت بيان، ناشطة في مجال حقوق الإنسان منذ ما يقارب الـ 35 عامًا، وحالياً مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية والمملكة المتحدة، عضو الهيئة الإدارية في منظمة المغتربين العرب في السويد، وعضو الهيئة الاستشارية في مؤسسة الإبداع الفلسطينية الدولية.
أما سابقًا فقد كنت عضوًا في المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان – لبنان، وعضوًا في المنظمة اللبنانية لحقوق الإنسان – لبنان، وعضو الهيئة الإدارية في الجمعية اللبنانية لمحو الأمية بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الألكسو.
على مستوى الخبرات العملية عملت في القطاع المصرفي والإدارة لمدة 20 عامًا في لبنان، كذلك عملت مُدرّسة في مدينة ساندفيكن لمدة 16 عامًا في السويد.
أكاديميًا درست علومًا اجتماعية في لبنان، وكذلك علومًا مصرفية ، وحصلت على دبلوم في تطوير اللغة والمعرفة للطلاب الأجانب في 2013-2014 في السويد.
ما هي الانتهاكات الأكثر خطورة التي تواجهها المرأة تحديدًا في فلسطين ولبنان والسودان باعتبارهم دول نزاعات؟
أشكال الانتهاكات الخطيرة التي تتعرض لها المرأة في كل من لبنان وفلسطين والسودان، وإن اختلفت في بعض الجوانب، إلا أنها في العموم تشكل العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتمييز القانوني والاجتماعي وعدم المساواة في العديد من المجالات. لكن في ظل الحروب والنزاعات تكون الانتهاكات أكبر وأفظع لغياب دور القوانين في الحماية.
ففي فلسطين، تعاني المرأة بالدرجة الأولى من الاحتلال الذي يمارس أفظع أنواع الانتهاكات، عِدا عن تحملها وزر المسؤوليات العائلية والأسرية بسبب غياب المعيل، كما تتعرض للاعتقال وممارسة أبشع أنواع التعذيب في السجون الإسرائيلية، ناهيك عن القتل والاغتصاب، والنزوح الدائم وتداعياته. ومأساة النساء والأطفال في غزة جراء الإبادة الجماعية والتجويع واستهداف أماكن النزوح، والأرقام العالية في أعداد الشهداء التي تجاوزت 70.000 شهيد من بينهم 20.000 طفل، خير دليل على حجم وهول معاناة المرأة الفلسطينية، والمرأة في الضفة الغربية ليست بأفضل حال.
والسودانيات؟
المرأة في السودان لا تقل معاناتها عن المرأة الفلسطينية، فالنساء والفتيات السودانيات هنّ أولى ضحايا الحرب العبثية، حيث تمثل النساء والفتيات أكثر من نصف مجمل اللاجئين المسجلين من السودان، على الرغم من أن النسبة أعلى في بعض البلدان المضيفة. وعلاوة على المخاطر الكامنة التي يشكلها الصراع والنزوح، حيث تفتقر أماكن الإيواء إلى أدنى الشروط الصحية، ونقص الغذاء والمياه النظيفة، تتعرّض النساء والفتيات، والعشرات منهن لا تزيد أعمارهن عن 12 عاماً، لمستويات مروّعة من الانتهاكات الجنسية سواء في المناطق المتضررة من النزاع داخل السودان، أو أثناء تنقلهن إلى مناطق أخرى، أو في بلدان اللجوء، وإن العديد من عمليات الاغتصاب ارتكبت في المنازل والشوارع من قبل أفراد ينتمون للمجموعات المسلحة الميليشاوية.
أما معاناة المرأة اللبنانية فهي نسبيًا أخف وطأة من قريناتها في فلسطين والسودان، فهي تتعرض للتعنيف الأسري والتمييز الاجتماعي، وعدم المساواة في الوظائف والأجور، ومع حدوث الانهيار المالي والاقتصادي، تكبدت المرأة اللبنانية أعباء ظروف معيشية صعبة، ولا يمكن إغفال أيضًا حالة النزوح المتكرر نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وتداعياتها على الأسر حيث تشكل المرأة إحدى مداميكها الأساسية.
كيف تنعكس النزاعات المسلحة على الأطفال مقارنة بغيرهم من الفئات؟
بما أن الأطفال هم الفئة الأكثر ضعفًا بين الفئات المجتمعية، لذا هم أكثر عرضة للضرر من تداعيات الحروب من الفئات الأخرى، خاصة عندما تضطر العوائل إلى النزوح إلى أماكن تفتقر إلى البيئة الآمنة التي يحتاجها الطفل، حيث تتعرض حياتهم لمخاطر عديدة، كتعرضهم للعنف والاستغلال والاغتصاب والتجنيد، وانعدام الرعاية الصحية والنفسية، والأخطر انعدام التعليم، كالذي يشهده السودان وفلسطين، حيث دقت المنظمات الأممية ناقوس الخطر لوجود 19 مليون طفل في السودان بدون تعليم نتيجة الحرب العبثية، و660,000 طفل في غزّة/فلسطين خارج النظام التعليمي بسبب العدوان الصهيوني على القطاع وارتكابه الإبادة الجماعية. وهذا سيترك آثارًا عميقة وطويلة الأمد على نمو الأطفال النفسي والصحي، بحيث سيولد اضطرابات نفسية وصحية وتغيرات في السلوك، مثل حالة الخوف والقلق الدائمين، التراجع في النمو الفكري، صعوبة التواصل مع الآخرين، السلوكيات العدائية واضطرابات ما بعد الصدمة، اضطراب النظام الغذائي، صعوبة في النوم، والذين في سن المراهقة معرضون للإدمان على المخدرات، وخطر الانخراط في الأعمال الإجرامية وغيرها من الحالات التي تحتاج وقتًا طويلًا جدًا لمعالجتها وبعضها يبقى طول الأبد، مما ينذر بمخاطر كبيرة على الأجيال الذين هم نواة المستقبل، وعليهم تقع مسؤولية البناء المجتمعي للدول.
ما الآليات العملية العاجلة التي يمكن أن توفر حماية فورية للنساء والأطفال في مناطق النزاع؟
رغم صعوبة الوضع خلال الحروب والتحديات التي يواجهها المعنيون في تقديم المساعدة، إلا أن هناك آليات عديدة ممكن أن توفر بعض أشكال الحماية للأطفال والنساء خلال الأزمات، منها على سبيل المثال لا الحصر، إيجاد أماكن آمنة للأطفال والنساء متوفرة فيها الشروط الصحية، إنشاء مراكز صحية للعناية الطبية الطارئة، توفير أماكن تعليمية آمنة ولو مؤقتة للأطفال حتى لا يخسرون أعوامهم الدراسية، توفير فرق أو لجان متخصصة للذين يحتاجون للدعم النفسي والاجتماعي لتجاوز أو تخفيف آثار الصدمات التي يتعرضون لها من خلال جلسات علاجية ونشاطات تربوية ترفيهية ممكن أن تُسهم في تحسين الحالة النفسية والصحية للأطفال، حضور دائم للجان دولية قانونية وإنسانية رقابية في أماكن النزوح لحماية الأطفال وتجنبهم من الاستغلال ومنع استخدامهم وتجنيدهم في المجموعات المسلحة، توفير أماكن رعاية صحية بإشراف طواقم طبية متخصصة، أو إنشاء وحدات طبية متنقلة لتلبية العناية الصحية والنفسية للنازحين الذين يفتقدون إلى وجود مستشفيات ومراكز طبية، وفي حال توفرها يجب دعمها وتجهيزها بالمعدات واللوازم الطبية، إضافة إلى توفير الأدوية. كما لا يمكن إغفال أهمية إيصال المساعدات الغذائية وزيادة التمويل للمؤسسات والمنظمات والجمعيات المعنية بالشأن الإنساني والصحي والاجتماعي لضمان توفير الحاجيات الأساسية للأطفال والنساء. لا بد من الإشارة إلى ضرورة رفع وزيادة الوعي حول ما يتعرض له الأطفال والنساء من انتهاكات مروّعة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وتكثيف الندوات والحوارات لخلق آليات دعم من جهة، وإعلاء الحملات التوعية التي تُسهم ربما في زيادة التمويل وتُجبر الحكومات المحلية على الاستجابة من جهة أخرى، ودعم المنظمات غير الحكومية التي تلعب دورًا بارزًا في هذا المجال عند غياب دور السلطات المحلية، لحشد الدعم اللازم لتقديم المساعدة وتلبية الحاجيات الضرورية.
ما هي أكثر التداعيات الإنسانية إلحاحًا التي تحتاج لتدخل عاجل في فلسطين ولبنان؟
لقد سبب العدوان الصهيوني على غزة ولبنان تداعيات اجتماعية وإنسانية واقتصادية وصحية كبيرة الأثر على المواطنين. ففي لبنان الذي يعاني من انهيار مالي واقتصادي منذ أكثر من 5 أعوام، وتفاقم الوضع السياسي، وتداعيات جائحة كورونا، وانفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020، وانهيار العملة الوطنية حيث فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 98% من قيمتها، وتعثر القطاع المصرفي، وانكماش في أنشطة القطاع الخاص، ليأتي العدوان على غزة ولبنان ليزيد من طين المشكلة بلة، فمعظم قرى الجنوب وأجزاء من الضاحية الجنوبية لبيروت وبعض قرى البقاع تعرضت لتدمير كلي وبحاجة ماسة لمساعدات لإعادة الإعمار، إضافة إلى تعزيز القطاعات الحيوية (صحية وتربوية وخدماتية ومصرفية)، لكن للأسف لبنان مازال يعاني من مشكلة أكبر، وهي تحكّم قوى الأمر الواقع الحزبية لأكثر من 3 عقود بكل مفاصل الدولة التي أضعفت دورها ودور مؤسساتها، واليوم يصارع لبنان لإعادة دور السلطة المركزية ومؤسساتها ولجم ومحاسبة أرباب الفساد الذين أوصلوا البلد وأهله إلى الهلاك. وحصر القرارات المصيرية المتعلقة بأمن البلد بيد الدولة كونها هي المسؤولة عن سلامة الوطن والمواطنين.
وفي فلسطين؟
في فلسطين، بالدرجة الأولى يجب وقف الإبادة الجماعية والتجويع، ولجم الكيان الصهيوني المتفلت من كل عقال، فالموت يهدد سكان غزة بعد وصولهم إلى مرحلة الجوع الشديد، حيث تستفحل المجاعة في القطاع المُحاصر، وخلال كتابة هذه السطور يتعرض سكان القطاع لنكبة جديدة من خلال ترحيلهم قسرًا من بيوتهم. أما الاحتياجات الطارئة والملحة فهي في تأمين الغذاء وحليب الأطفال والأدوية والمراكز الصحية ومراكز الإيواء المستوفية للشروط الصحية، وتوفير المياه النظيفة وتأمين الوقود على أبواب الشتاء، إضافة إلى توفير مدارس آمنة مؤقتة، واحتياجات أخرى لكافة سكان القطاع الذي يئن تحت وطأة العدوان الصهيوني غير المسبوق من 23 شهرًا. كما المطلوب إعادة وتعزيز وتمويل الأونروا لتتمكن من تقديم المساعدة إلى سكان القطاع وأيضًا الضفة الغربية التي تشهد اعتداءات خطيرة من قِبل المستوطنين، بعدما أوقفت عدة دول مثل السويد والولايات المتحدة الأميركية تقديم الدعم المادي للمؤسسة تلبية لادعاءات الكيان الصهيوني.
كيف تقيمين أداء المنظمات الدولية في التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين؟
إن تقييم أداء المنظمات الدولية في التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين يشوبها بعض التباين، فالجانب الإيجابي لهذا الأداء يتمثل في جهود منظمة حقوق الإنسان الدولية ومنظمات المجتمع المدني في رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والقوانين والمواثيق الدولية وتقديم تقارير عنها، إضافة إلى تقديم المنظمات الدولية مثل برنامج الأغذية العالمي واليونيسيف وغيرها من المنظمات الدولية مساعدات إنسانية في الأراضي المحتلة، كما تعمل هذه المنظمات على زيادة الوعي على تداعيات ومضاعفات الانتهاكات من خلال إقامة ندوات ومؤتمرات وورش عمل وغيرها من النشاطات الأخرى. لكن من جانب آخر، تواجه هذه المنظمات تحديات تعيق تحقيق الأهداف، أي أنه ورغم توثيق الانتهاكات (التي أصبحت اليوم على الملأ وأمام عدسات الكاميرات)، إلا أنها غالبًا ما تواجه ضعفًا في تطبيق آليات المحاسبة والمساءلة القانونية لوقفها وتحميل مرتكبي الجرائم المسؤولية عنها، عامل آخر يعيق عمل المنظمات الحقوقية وهو التدخلات السياسية والضغوطات التي تتعرض لها هذه المنظمات، خاصة من قِبل الولايات المتحدة الأميركية التي تمنع أي مساءلة قانونية لمجرمي الحرب الصهاينة، وخير دليل على ذلك، التهديد والضغوطات التي تعرضت لها محكمة الجنايات الدولية من قِبل أميركا، بعد إصدار المحكمة قرارات بحق المجرم نتنياهو وبعض وزرائه، وهذا ما يُعرف بازدواجية المعايير، بحيث تُطبق القرارات في مكان وتُمنع في مكان آخر، لذا لا تملك المنظمات الدولية القدرة على فرض حلول فعلية لوقف الانتهاكات حيث تواجه صعوبة في إنفاذ القانون الدولي لضمان المساءلة القانونية نتيجة لهذه الضغوطات والتهديدات.
ما هي السبل العملية لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين في هذه النزاعات؟
هناك آليات متعددة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحق المدنيين خلال النزاعات، وهي آليات وطنية (محلية) ودولية، حيث تشمل المساءلة القضائية والقانونية في المحاكم الوطنية أو في المحاكم الدولية، مع تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني مثل اتفاقيات جنيف لحماية المدنيين وتجريم الهجمات ضدهم، مع جبر الضرر وتعويض الضحايا وضمانات عدم تكرار الانتهاكات. والأهم رفع الضغوط والتهديدات عن المحاكم القضائية المعنية بملاحقة ومحاسبة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية.
كيف تنظرين إلى تداعيات الأزمة السودانية على الاستقرار الإقليمي؟
إن الجواب على هذا السؤال يتطلب صفحات، لأن الأزمة في السودان مرتبطة بما يجري في المنطقة قاطبة، المنذرة بتغييرات جيو-سياسية ورسم خرائط جديدة للمنطقة قائمة على أقطاب إقليمية برعاية الولايات الأميركية. ولكن وبإيجاز يمكن القول إن تداعيات الحرب العبثية في السودان التي دمرت بنيان الدولة ومعظم البنى التحتية وعمقت الانهيار الاقتصادي وسببت في نزوح الملايين من الشعب السوداني في ظل أزمة غذاء غير مسبوقة في بلد كان يُطلق عليه “سلة الغذاء العالمي”، وفقدان الخدمات الصحية ونقص الأدوية وتعطيل النظام التعليمي، حيث أن هناك 19 مليون طفل خارج النظام التعليمي، ناهيك عن انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان بحق المدنيين في مناطق النزاع وأماكن النزوح، ستكون تداعيات خطيرة ليس على السودان ووحدته فحسب، بل على دول الجوار مثل مصر وليبيا وتشاد وأثيوبيا وإرتيريا، لأن طرفي الصراع خاضعان لحسابات إقليمية ودولية.
كيف ذلك؟
هناك قوة إقليمية ودولية غذت الأطراف المتحاربة، مما أضفى على الصراع بعداً جيو-سياسيًا معقداً، مع عدم وجود مؤشرات في الأفق لوقف هذه الحرب وصون وحدة السودان المُهددة، في ظل ارتباط الأزمة بالسياق الإقليمي المضطرب في القرن الأفريقي وتداخلها مع النزاعات في أثيوبيا وليبيا وجنوب السودان، مما جعل منها قضية أمن إقليمي، كما ساهمت الحرب الروسية الأوكرانية في إعادة تشكيل التحالفات التي انعكست على الوضع في السودان، ومن التداعيات أيضًا الخوف من نقل الصراع إلى دول الجوار، ناهيك عن أزمة النزوح التي تُعتبر الأكبر في العالم وما تسببه من أعباء للدول المجاورة، يُضاف إليها الخوف من أن يؤدي الصراع إلى زعزعة استقرار الملاحة في منطقة الساحل والبحر الأحمر الذي يُعد أحد الشرايين الأساسية والمهمة للتجارة العالمية، ولا يمكن إغفال الدور الصهيوني في تأجيج هذا الصراع لما يخدم مشاريعه التوسعية القائمة على تقسيم المقسم وتفتيت المفتت، والسودان في قلب الحدث!
ألا ترين أن ثمة تقصير لدور المنظمات العربية في التعامل مع الأزمة السودانية؟
للأسف الشديد، المنظمات العربية أبدت عجزًا وقصورًا في التعامل مع أزمات المنطقة، ومنها أزمة السودان، فهي تلعب دور المتفرج دون القيام بأي مبادرات لإنهاء هذه الأزمة التي طالت مع التكلفة العالية على كافة الصعد، الإنسانية والاجتماعية والصحية والتربوية وغيرها.. فلم نر أي مبادرة لجامعة الدول العربية تجاه أزمة السودان المُهددة في حال فشلت جهود إنهاء الحرب إلى المس بالأمن القومي العربي وأمن المنطقة بمجملها.
كيف يمكن تحويل المبادرات الإغاثية إلى مشاريع تنموية مستدامة في السودان؟
يمكن تحويل المبادرات الإغاثية إلى مشاريع تنموية مستدامة في السودان لتحسين مستوى المعيشة للمواطن السوداني من خلال دعم مشاريع إعادة إعمار البنى التحتية والمدارس والقطاعات الصحية، والاستثمار في قطاعات حيوية مثل قطاع الزراعة والطاقة التي تتطلب من المنظمات الدولية المساهمة في وضع خطط طويلة الأمد للاستفادة من المبادرات لتحقيق النهوض للسودان.

Leave a Reply