داوي ناري والتياعي

صحيفة الهدف

أمجد أحمد السيد
#ملف_الهدف_الثقافي

حين يتلاقى الشعر بالفن، يولد الخلود.

كلمات الشاعر المصري إبراهيم ناجي، شاعر الرومانسية والوجدان المتقد، جاءت كنبض قلب مثقل بالحب والفقد، وهو يكتب للحظة الوداع التي لا تحتمل التأجيل. يطلب من الحبيب أن يتمهّل، أن يمنحه لحظات قصيرة، لكنها تساوي العمر كله.

هذه الكلمات، المغموسة في الحزن والرجاء، وجدت في صوت زيدان إبراهيم أوتارها المناسبة. صوته العذب الشجي كان أشبه بنايٍ قديم يعبر عن أمة بأكملها، لا عن عاشق واحد. لذلك لُقِّب بـ”العندليب”، إذ لم يكن يغني بالكلمات فقط، بل يسكبها بصدق يلامس الروح.

في الأغنية نشعر بتلك الوقفة أمام مغرب العمر، حيث يختفي الضوء الأخير للشمس، مثلما تختفي الأحلام التي طال انتظارها. الحزن هنا ليس بكاءً فقط، بل هو تأمل فلسفي في المصير، في ما تبقّى من العمر، في صراع الإنسان مع الفقد والزمن.

أروع ما في النص أنه يمزج الخاص بالعام؛ فهو حديث عاشق لحبيبه، لكنه في الوقت نفسه حديث إنسان لكل إنسان، عن لحظة الانطفاء، عن الخوف من الرحيل دون اكتمال اللقاء، وعن أمل صغير أن تبقى دمعة الحزن شاهدة على الحب.

وزيدان، بصوته المميز، جعل من هذه الكلمات مرثية للحب والحياة معًا، فأحياها وأعطاها حياة أطول من حياة شاعرها ومنشدها، حياةً باقية في وجدان السودانيين الذين، كلما سمعوا الأغنية، أعادوا اكتشاف أنفسهم في مرآة الشعر والموسيقى.

قف تأمّل مغرب العمر
واختفاء الشُّعاع
ابكِ جبّار الليالي
ما يهمّ الناس من نجمٍ
على وشك الضياع

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.