
جماهير شعبنا السوداني الصامدة:
تسبب استمرار الحرب وتداعياتها واتساع نطاقها، في كارثة إنسانية على القطاع الصحي طالت المرافق والكوادر الصحية، وأدت إلى انهيار شبه كامل للبنية التحتية للرعاية الصحية، وتدمير 80% من المؤسسات الصحية والعلاجية (مستشفيات ومراكز صحية وطبية وعيادات ومعامل ..إلخ، وقلصت القدرة على الحصول علي الرعاية الصحية إلى 15% فقط لإجمالي عدد سكان السودان (البالغ 48 مليون نسمة). وتقدر منظمة الصحة العالمية أن بين 70% إلى 80% من المرافق الصحية قد تضررت ودمرت كليًا أو جزئيًا، وأصبحت خارج الخدمة، وحوالي 45% في أجزاء أخرى من البلاد بالكاد تعمل أو مغلقة، وأن 60% من مناطق البلاد بلا خدمات صحية وتزايد نقص الخدمات الوقائية و العلاجية والدوائية بسبب تدمير وإغلاق مئات المستودعات وآلاف المختبرات الطبية ومراكز الإمدادات الطبية والمصانع المنتجة للدواء وآلاف الصيدليات، وأصبح الحصول على الخدمات والرعاية الصحية تحديًا كبيرًا.
▪️تضاعفت الكوارث بالانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه ونقص مصادر المياه النقية وشح وانعدام الوقود عن المرافق الصحية مما أثر على تدهور وتناقص الخدمات الطبية والوقائية في المستشفيات والمراكز وتعطيل الأجهزة والمعدات الطبية المساعدة، وأجهزة العناية المركزة وأجهزة غسيل الكلى، بجانب معاناة مرضى الإصابات أو الذين يعتمدون على جلسات المتابعة الدورية من صعوبة الوصول إلى المستشفيات نتيجة تعقيدات الأوضاع الأمنية بسبب القصف والاشتباكات، كما تزايدت معاناة مرضى الامراض المزمنة في تلقى المتابعة الطبية لحالاتهم وانعدام أدويتهم، مما أدى إلى فقدان العديد من الأرواح.
▪️ تدمير وتخريب ونهب سلاسل الإمداد الطبية مما تسبب في نقص حاد وشح في الإمدادات الطبية والأدوية الأساسية وأدوية الأمراض المزمنة.
▪️تعرض العشرات من الأطباء والكوادر الطبية للقتل والاعتقال والأسر، وقد تم توثيق عشرات حالات القتل والتصفية والاختطاف التي طالت الكوادر الطبية، حيث كشف تقرير نشرته اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء عن مقتل أكثر من 200 طبيبًا، واختطاف ألعديد ممن لا يُعرف مصيرهم، وتعرض عدد من الطبيبات للاغتصاب. وشهدت مناطق عديدة في البلاد انتهاكات جسيمة من طرفي الصراع، شملت القتل، والاختطاف، والاعتقال، والاغتصاب، والتصفية، والإعدامات، بسبب الاتهامات بالتعاون مع أحد الأطراف، مما أجبر نحو 8 آلاف طبيب، وأعداد مماثلة من الكوادر الطبية، إلى اللجوء والهجرة بحثًا عن الأمان وإيجاد فرص العمل، مما فاقم من نقص الكوادر الطبية المؤهلة والطواقم المتخصصة، وظل من بقيّ في الخدمة داخل السودان يعاني عبء ضغوط طول ساعات وكثافة الحالات الحرجة ونقص المعدات، والتدهور والنقص المريع في الخدمات الصحية، وتبعًا لذلك تفشت الأمراض والأوبئة وتزايد أعداد الوفيات والنزوح واللجوء. ووفقًا للتقارير فإن أكثر من 50% من الأطباء غادروا السودان أو انتقلوا إلى مناطق آمنة نسبيًا داخل البلاد.
كل ذلك أدى وبشكل مباشر، مع عدم المتابعة من الجهات المسئولة، إلى ظهور حالات وبائية كبيرة جدا من إسهالات مائية وحمى ضنك وكوليرا في عدد كبير من ولايات الجزيرة وشمال وجنوب كردفان والنيل الأبيض وولايات دارفور، أدى بدوره لعدد كبير من الوفيات إضافة للوفيات التى ذكرت.
▪️ظل الأطباء والكوادر الطبية يبذلون جهودًا وتضحيات عظيمة لمواجهة هذه التحديات، رغم تحديات استمرار الحرب وشح الموارد وتضييق وملاحقة الأجهزة الأمنية للكوادر الطبية وعرقلة جهود إيصال المساعدات لتلبية الاحتياجات المتزايدة لتعزيز الخدمات الطبية وتقديم الدعم الضروري للمحتاجين.
الزملاء والزميلات الأطباء:
نحن في تجمع الأطباء الديمقراطيين ندعوكم جميعًا لتعزيز جهودنا المشتركة لمواجهة تحديات الحرب وتأثيراتها والمشاركة في تسليط الضوء على حقائق الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي خلفتها الحرب، والتي ترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، في تدمير النظام الصحي وانهيار المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات، والنقص المريع في الخدمات الطبية والعلاجية، وتناقص الكوادر الطبية، وتوجيه الاهتمام الإقليمي والدولي لتقديم المساعدات الإنسانية بالإضافة لمهمة توثيق جرائم القتل والانتهاكات الجسيمة لطرفي الحرب، والمساهمة بالتنسيق مع القطاع القانوني لإعداد الملفات للمحاسبة عبر العدالة الوطنية والدولية.
وفي هذا الإطار، نؤكد تمسكنا بوحدة نقابة الأطباء ممثلة في اللجنة التمهيدية، والتزامنا بالمحافظة على ديمقراطيتها واستقلاليتها، وإفشال مخطط فلول النظام السابق لمصادرة حق حرية التنظيم والنشاط النقابي وإعادة إنتاج نقابات زائفة تعبر عن إرادة ومصالح الرأسمالية الطفيلية، الحاضنة الاجتماعية لسلطة الاستبداد والفساد وأمراء الحرب من جهة، ودفاعًا عن ديمقراطية واستقلالية توجهات النقابة وموقفها السياسي الوطني المتوازن المعبر عن إرادة القاعدة العريضة للأطباء في مواجهة نهج الهيمنة والوصاية والتفرد في العمل النقابي، من جهة أخرى.
وكما ندعوكم جميعًا للعمل من أجل استكمال بناء وتوسيع الجبهة النقابية الملتزمة بوحدة الأهداف والوسائل، وتطوير رؤيتها وبرنامجها وتصحيح هيكلتها رأسيًا وأفقيًا بإحكام التنسيق والتشبيك بين عضويتها من النقابات المنتخبة واللجان التمهيدية ولجان التسيير النقابية والتنظيمات والأجسام المهنية والنقابية الاخرى، لضمان تقوية وتفعيل دورها في صفوف قواعدها وتحويله إلى رافعة لاستنهاض حركة نقابية متجاوزة واقع التشرزم والانقسامات والقصور الذاتي وأنماط العمل الفوقي ونهج الهيمنة والوصاية والتفرد والارتقاء بالعمل والنشاط الديمقراطي النقابي الجماهيري لمستوى التحديات الراهنة كمدخل لإعادة الاعتبار للحركة النقابية ودورها في تعبئة وقيادة جماهير العاملين وزجهم في الحراك الجماهيري المنظم انطلاقًا من أهمية وحدة قوى الثورة الاجتماعية والديمقراطية وترابط قضاياها وأهمية التنسيق والعمل المشترك لتحقيقها وضمان مشاركة أكبر قاعدة من العاملين منحازة لموقف وقف الحرب في إطار الجبهة الشعبية العريضة للديمقراطية والتغيير بما يؤهلها لفرض إرادتها لإيقاف الحرب والمحافظة على وحدة وسيادة بلادنا ومصيرها أرضاً وشعباً، بتجديد روح ونهج الانتفاضة الثورية وأسلوبها النضالي السلمي الديمقراطي، واسع المشاركة الشعبية المسلحة بالوعي والتنظيم لاستعادة الديمقراطية التعددية والسلطة المدنية المعبرة عن إرادة الشعب، والملبية لتطلعاته في السلام والأمن والحرية والعدالة والتقدم.
يا جماهير شعبنا الصابر
الزملاء والزميلات الأطباء:
فلنناضل معًا مع القوى الحية في بلادنا لتأكيد التزامنا النقابي المهني والوطني من أجل:
-إقرار وقف إطلاق النار بين طرفي الحرب فورًا وبلا شروط وصولاً لإنهاء ووقف الحرب وضمان عودة المواطنين لمناطقهم وتوفير الأمن والخدمات الأساسية.
-عزل طرفي الحرب من أي حواضن شعبية وتغليب إرادة ومصالح الشعب في السلام والديمقراطية كنقيض لدعاة الحرب وقطع الطريق أمام الاستبداد.
-فضح وتعرية وإبطال نهج وتوجهات سلطات الأمر الواقع الاستبدادية وأمراء الحرب لتجريم الرأي المخالف وتصفية الخصوم واعتماد نهج التخوين وتلفيق التهم والتجريم على اعتبارات قبلية وجهوية وعنصرية بغيضة.
-فضح وإدانة خطاب الكراهية التفتيتي والتجييش القبلي والجهوي العنصري المحرض والداعم لاستمرار الحرب.
-تعزيز وتقوية وحدة شعبنا الوطنية باحترام التنوع في إطار الوحدة وإرساء قيم التعايش السلمي.
-تأكيد حق شعبنا المطلق في كفالة ممارسة الحريات العامة وصيانة حقوق الإنسان وإقرار منظومة متكاملة للعدالة والمواطنة المتساوية تضمن عدم الإفلات من العقاب ورد المظالم واستعادة مشروع الثورة على طريق تجديد النضال في سبيل السلام والحرية والعدالة.
-التمسك بوحدة واستقلال بلادنا ورفض رهن مصيرها لتقاطع المصالح الإقليمية والدولية المؤججة للحرب وتقسيم البلاد.
ختامًا ومن أجل كل ذلك نمد أيدينا لكل من يعمل في هذا الاتجاه من أجل تشكيل أوسع جبهة شعبية لوقف الحرب وتجاوز افرازاتها.
النصر حليف شعبنا وقواه الحية.
تجمع الأطباء الديمقراطيين
10 سبتمبر 2025
Leave a Reply