الهوية الوطنية السودانية أمام تحدي الانقسام

صحيفة الهدف

محمد الأمين أبو زيد
#ملف_الهدف_الثقافي
الهوية الوطنية هي شعور بالانتماء والولاء لوطن، وهي تمثل ارتباط الفرد ببلاده وثقافتها وأرضها، والالتزام بالمساهمة في تقدّمها. هذه الوطنية تتنوع في جوانبها وتشمل قيم الوحدة والتضامن والتعايش بين المكونات الاجتماعية والدينية والثقافية. الهوية الوطنية هي مزيج من الاعتزاز بالتاريخ والالتزام بالمستقبل والتأكيد على الوحدة.
تعرضت الوطنية السودانية لتحديات كبيرة بعد انفصال الجنوب في 2011، وهو الحدث الذي أثر بشكل عميق على الهوية الوطنية والوحدة الاجتماعية والسياسية. ولعل أبرز التحديات تمثلت في:
– فقدان الوحدة الجغرافية التي سادت البلاد لأكثر من نصف قرن.
– الإحساس بالضياع للذين كانوا يربطون هويتهم الوطنية بتنوع السودان، فقد شعروا بفقدان جزء مهم من هذا التنوع.
– التحديات الاقتصادية بفقدان مصادر مهمة في الاقتصاد الوطني، كالنفط وغيره.
– التهديدات الأمنية، حيث لم يحل الانفصال التوترات والنزاعات التي شهدت ميلاد الصراع في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور.
– هذه الصراعات تهدد السلام الداخلي وتصعب مهمة الشعور بالهوية الوطنية الجامعة في ظل الانقسام الاجتماعي وخطاب الكراهية والعنصرية الممنهج في ظل الحرب.
– تعاظم المخاوف من حدوث تقسيم إضافي للسودان في ظل الوضع الحالي والشعور بالتهميش والغبن الاجتماعي.
إن تعزيز الهوية الوطنية السودانية يتطلب حلولًا للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتعزيز الحوار بين المكونات المختلفة، ومعالجة الظلم التاريخي، وتحقيق العدالة والمساواة للجميع، بما يسهم في تعميق الشعور بالانتماء إلى وطن واحد.
التنوع الثقافي سمة أساسية تميز بلادنا، ومن الجوانب المهمة في تكوين هويتها، لكنه ضمن أي مجتمع سلاح ذو حدين قد يتحول إلى نقمة من خلال التوترات الإثنية والصراعات السياسية والتهميش الاجتماعي والتمييز، مما يؤدي لتفكك الوحدة الوطنية وزيادة الانقسام. بينما يتحول ذات التنوع إلى نعمة إذا أُدير بحكمة من خلال سياسات شاملة وعادلة تعمل على التعايش السلمي والقبول بالآخر، وستكون مفتاحًا للاستقرار والنمو.
يأتي تعزيز وحدة السودان من خلال الاحترام المتبادل والانفتاح على الفروق الثقافية واستخدام التنوع كمصدر للقوة. تؤثر الحرب المشتعلة في السودان على جوهر الهوية الوطنية تبعًا لتعدد أبعادها وتنوع مكوناتها، وتبرز الآثار في:
– تآكل الشعور بالانتماء الوطني على حساب انتماءات فرعية قبلية وإقليمية.
– الحرب تضعف مؤسسات الدولة التي تعتبر أعمدة للهوية الوطنية.
– التهجير والنزوح الداخلي والخارجي يحدث شرخًا في النسيج الاجتماعي.
– انتشار خطاب الكراهية والتمييز غزا الانقسام وعمّق الاستقطاب الجهوي والقبلي.
تراجع التعليم والإعلام كأدوات لصياغة الهوية.
– هل من فرص ممكنة ما بعد الحرب؟ سؤال مهم تتحدد إجابته بالطريقة التي ستتوقف بها الحرب، فإما أن تكون دافعًا لإعادة التفكير في مفهوم الهوية الوطنية السودانية، وتأسيس مشروع وطني يعترف بالتنوع والمواطنة والعدالة، ويدمج كل المكونات بشروط تحقيق السلام العادل والعدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات، وإما استمرار حالة الانقسام وتطوراتها الكارثية في تفكيك السودان.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.