أعرف بلدك جبال مرة الحلقة (3)

صحيفة الهدف

أ. شمس الدين أحمد صالح

في الحلقة الأولى أكدنا أن حادثة انزلاق الهضبة الصخرية في قرية تارسين، التي جاءت بعد هزة أرضية مباشرة، حسب رواية أهالي القرى المجاورة للقرية المنكوبة، كشفت عدم معرفتنا للعمق الجغرافي لبلادنا بصفة عامة، وعن جبال مرة بصفة خاصة، وكشفت ذلك من خلال نقل الخبر وتفاصيله من قبل بعض الإعلاميين، والأسئلة الموجهة من قبل إعلاميي القنوات الفضائية لضيوفهم، مثل BBC وقناة الحدث، يتصورون كأن المنطقة بها بنيات تحتية وفرق الدفاع المدني لإنقاذ الضحايا والمتأثرين، والآليات الثقيلة التي يمكن أن تُستخدم للبحث عن الضحايا تحت الأنقاض، دون أن يتصوروا أن المنطقة بدائية وشبه منعزلة عن العالم الحديث، ولا توجد بها بنيات تحتية. وربما هذا هو سبب استجابة كثير من أبنائها للانخراط في صفوف فصائل العمل المسلح، وخاصة حركة تحرير السودان قيادة الأستاذ عبد الواحد محمد نور.

فالقرية المنكوبة أصبحت تحت صخور قد تزن حوالي عشرة أطنان وأكثر، وليس بمقدور الآليات التقليدية اليدوية رفعها، وبالتالي يتوجب على المجتمع الدولي والإنساني أن يقدّر وضع هذه المنطقة مستقبلًا لأن هذه الانزلاقات لم تكن الأخيرة؛ بل ستتوالى هذه الانزلاقات فى المستقبل لعدة أسباب نذكرها في الآتي:

أولها: حجم البراميل المتفجرة التي أُسقطت من قبل طيران نظام البشير على جبل مرة طوال فترة التمرد منذ 2003 حتى سقوط نظامه سياسيًا، بانتفاضة ديسمبر في أبريل 2019. لم تكن قليلة وسط تجاهل وتكتم إعلامي. تلك البراميل المتفجرة أدت إلى خلخلة في مستويات الجبال وإحداث تصدعات فيها.

اتضحت هذه المسألة بعد حرب 15 أبريل العبثية بصورة واضحة؛ مما زاد من حجم تأثيرها على تماسك الجبال وتركيب الهضاب والصخور. وأدت زيادة معدلات الأمطار في السنين الأخيرة إلى تفكيك هذه الجبال والصخور، وكثير منها أصبحت آيلة للسقوط والانزلاق. وهناك أسباب أخرى نذكرها في الحلقة القادمة.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.