غاية الآمال” عاطفة شاعرية في لحن خالد

صحيفة الهدف

أمجد أحمد السيد
#ملف_الهدف_الثقافي
حين يلتقي الشعر العذب بأداء صوتي رصين، يولد الخلود الفني. هكذا كان الحال مع رائعة الشاعر عوض أحمد خليفة “غاية الآمال”، التي جسّدها صوت الفنان إبراهيم عوض، فصارت واحدة من العلامات الفارقة في مسيرة الغناء السوداني.
“غاية الآمال” ليست مجرد أغنية، بل تجربة وجدانية مكتملة الأركان، تقود المستمع إلى عوالم الشجن والحنين عوض أحمد خليفة المعروف بصدق العبارة ورهافة الحس صاغ كلمات محمّلة بالحنان والشوق، وحوّل العاطفة الإنسانية إلى صور شعرية مشبعة بالدفء:
يا غاية الآمال لو دعاك الشوق
ما كان جفيتنا زمان وإنت الحنان والذوق
هنا يستدعي الشاعر صورة الحبيب الغائب، ويواجهه بلغة رقيقة ممزوجة بالعشم العاطفي والعتاب الودود.
تمتاز الأغنية بقدرتها على تصوير المشاعر في مشاهد متدرجة: من لوعة الشوق إلى رجاء اللقاء، ثم إلى الإحساس بالوحدة حين يتأخر العطف المنتظر. نلمح في النص تنويعًا بين عتاب الحبيب والاحتفاء بالوصال المرتجى، مما يضفي على النص حيوية وصدقًا يجعل المستمع في حالة تماهي مع التجربة.
ما منح “غاية الآمال” خلودها هو أداء إبراهيم عوض، الذي استطاع بصوته المميز أن يمنح النص بعدًا جديدًا. فقد أجاد في التلوين النغمي بين مقاطع العتاب والحنين، وأدخل دفئًا خاصًا على الكلمات وكأن صوته نفسه أصبح ترجمانًا لوجدان الشاعر.
إبراهيم عوض الملقب بـ فنان الشباب الأول كان يمتلك قدرة فريدة على جعل المستمع يعيش تفاصيل النص فهو حين يقول “وسقيتني كأس الريد وعادت ليالي هناي”، لا ينقل مجرد صورة شعرية، بل يستحضر لحظة عاطفية تتوهج بالصدق.
اللغة الشعرية اتسمت بالوضوح والشفافية دون فقدان العمق. تبدأ الأغنية بالنداء العاطفي ثم تنتقل إلى عتاب رقيق، لتصل في النهاية إلى الإصرار على أن اللقاء والوصال ممكنان.
رافقت النص بلحن رصين ومتدرج، يعكس انفعالات النص بانتقالاته اللحنية الهادئة، وكأنه يترجم المدّ والجزر العاطفي للشاعر.
في الذاكرة الثقافية السودانية “غاية الآمال” تجسد مرحلة ازدهار الغناء السوداني في منتصف القرن العشرين، حين التقت النصوص الشعرية ذات الحس العاطفي العالي بأصوات غنائية قوية ومؤثرة. وهي، إلى جانب أعمال أخرى لعوض أحمد خليفة مثل “لو بهمسة”، و”يا طائر يا طاير”، تظل شاهدًا على قدرة الشعر الغنائي السوداني على ملامسة الوجدان الجمعي.
تظل “غاية الآمال” واحدة من الكنوز الغنائية التي صاغت وجدان السودانيين حيث التقت شفافية النص بروح الأداء الغنائي، لتؤكد أن الغناء السوداني لم يكن مجرد ترف فني، بل لغة للحب والإنسانية، وجسراً بين القلوب.
ولعل أجمل ما نودّع به هذه القراءة، بعض أبيات من هذه الرائعة التي خلدها الشعر والصوت معًا:
يا غاية الآمال لو دعاك الشوق
ما كان جفيتنا زمان وانت الحنان والذوق
وسقيتني كأس الريد وعادت ليالي هناي
وعطفك أمل قدرته عشت السنين راجيه
مادام قلوبنا أتلاقوا وأرواحنا قالت زين
ما بصح وأنت قريب يكويني جمر البين

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.