
مازن شلبي
#ملف_الهدف_الاقتصادي
خلفية: أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة
إن التحول الاقتصادي في السودان، والذي يتطلب التركيز على الاستثمار في الأفراد والقدرات الإنتاجية، يستوجب تبني استراتيجية لتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة. هذه المشروعات تُعد خياراً استراتيجياً حتمياً لدعم القدرة الاقتصادية على التكيف والنمو. في معظم دول العالم، تمثل هذه المشروعات أكثر من 90% من الأعمال، وتوفر ما بين 40% إلى 80% من فرص العمل، وتساهم بنسبة تتجاوز 85% من الناتج المحلي الإجمالي في العديد من الدول.
تعد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة رافداً أساسياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول النامية. فهي تساهم في زيادة الإنتاج، ومعالجة مشكلتي البطالة والفقر، وتوفر فرص عمل واسعة نظراً لصغر حجم رأس المال المستثمر فيها. كما أنها تساهم بفعالية في تنمية الأقاليم النائية من خلال إقامة أنشطة إنتاجية لا مركزية، مما يحقق عدالة في توزيع عائدات التنمية. بالإضافة إلى ذلك، تشكل هذه المؤسسات ميداناً لتطوير المهارات الإنتاجية والإدارية، وتفتح مجالاً للمبادرات الفردية والتوظيف الذاتي، مما يخفف الضغط على القطاع العام.
واقع الاقتصاد والشباب السوداني
يعاني الاقتصاد السوداني من مشاكل هيكلية كبيرة مثل التضخم المرتفع، وانهيار قيمة الجنيه السوداني، وخلل في الميزان التجاري والميزانية الحكومية. الإنتاج يتركز في السلع الأولية، وقد زادت أعداد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر مع تقلص الطبقة الوسطى. في المقابل، يمتلك السودان ميزة إيجابية تتمثل في النسبة المرتفعة من الشباب، أو ما يعرف بـ”الهبة الديموغرافية”، والتي يمكن استثمارها عبر سياسة عامة محكمة لتطوير المشروعات الصغيرة.
ملخص المقترح: نحو إطلاق مشروع للتحول الاقتصادي
يهدف هذا المقترح في مرحلته الأولى إلى تعزيز وتوسيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بشراكات واسعة مع القطاعات ذات الصلة. يسعى المشروع إلى توطين أكثر من 50 نشاطاً صغيراً ومتوسطاً، لخلق حوالي 30 ألف فرصة عمل للشباب، مما يسهم في تخفيف مشكلات البطالة والفقر وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
مهمة الإسناد الحكومي
لضمان نجاح المشروع، يُقترح أن تتولى وزارتا المالية والتنمية الاجتماعية مسؤولية الإشراف عليه، فيما تقوم وزارة الحكم الاتحادي بدور الرعاية عبر هياكلها. وتكمن أهمية الإسناد الحكومي في حشد الجهود وتوجيهها نحو صياغة آلية وطنية فاعلة لزيادة المداخيل، وتراكم رأس المال، وزيادة فرص العمل، وذلك من خلال:
- إجراء الدراسات والمسوحات اللازمة.
- صياغة سياسة عامة وخطط استراتيجية لتطوير المشروعات.
- مراجعة السياسات والتشريعات للتأكد من ملاءمتها للأعمال الصغرى والصغيرة.
- مراجعة خرائط الاستثمار لتوفير مساحة لمشروعات الأعمال المقترحة.
- توفير البيانات والمعلومات للمبتدئين والمبادرين الجدد.
- التحقق من قدرة المشروعات على الاستمرارية والاستدامة.
- تقديم الخدمات الاستشارية والدعم الفني.
- الإشراف على تنفيذ مشروعات نموذجية في المركز والولايات.
- إيجاد كيان يعمل على النهوض بالأعمال الصغرى والصغيرة.
يمكن لهذه الشراكة أن تتوسع لتشمل المصارف، ومؤسسات التمويل الأصغر، وديوان الزكاة، وأي مؤسسة ترغب في المساهمة. إن نجاح هذه المشروعات قد يكون حافزاً لدخول شركات كبرى من القطاع الخاص، لما توفره من عمالة ماهرة ومدخلات إنتاج.
دور حكومات الولايات والاستدامة
يمكن لحكومات الولايات أن تساهم بشكل مباشر في دعم المشروع عبر تقديم الدعم العيني وتوفير الأراضي غير المستخدمة، بما يتناسب مع الميزة التفضيلية للموارد المتاحة. على سبيل المثال، يمكن الاستفادة من مناطق إنتاج القطن في وسط السودان لإقامة صناعات صغيرة مثل السجاد والنسيج، كما يمكن تطوير معاصر الزيوت في مناطق إنتاج الحبوب الزيتية في شمال كردفان والقضارف. هذا التوجه يحقق حماية تلقائية للمنتجين من مخاطر التلف ويضبط تذبذب الأسعار للمستهلك المحلي.
ولضمان الاستمرارية والاستدامة، يجب التركيز على مرونة مؤسسات التمويل وخدمات التأمين، بالإضافة إلى الاهتمام بدراسات الجدوى الاقتصادية والبعد الاجتماعي للمشروعات.
Leave a Reply