من صنع الوحش لايمكن أن يكون بطلا

صحيفة الهدف

امجد السيد

الحرب التي أحرقت السودان لم تولد من فراغ  لم تكن صراعا عابرا بين جيش وميليشيا بل ثمرة مرة لسنوات من التواطؤ والتغاضي والابتزاز السياسي  الجنجويد لم يهبطوا من السماء  بل صُنِعوا في معامل الجيش والحركة الإسلامية دُرّبوا وسُلّحوا ثم تُرك لهم الحبل ليتمددوا اقتصاديا وسياسيا حتى صاروا دولة داخل الدولة.

واليوم. فيما تنهمر الدماء وتُدفن المدن تحت الركام، يحاول بعضهم صناعة أبطال من رماد الكارثة البرهان ورفاقه في القيادة الذين رعوا هذا الوحش حتى شبّ عن الطوق يتحدثون كمنقذين لكن الحقيقة أن الإنقاذ يبدأ من محاسبتهم لا من تكريمهم.

السلطات المتنازعة بين بورتسودان ونيالا ليست أكثر من واجهات أمر واقع كل توقيع على أرض أو مشروع أو اتفاق خارجي لا يعني شيئاً أمام الشعب السوداني الذي لم يهب شرعيته لأحد  الشرعية الحقيقية لن تولد إلا من صندوق اقتراع حر  لا من فوهة بندقية.

ومع ذلك  الخطر لا يقف عند حدود الجنجويد وحدهم فالمشهد يتكاثر ميليشيات على ميليشيات، قبائل تتحشد ضد قبائل وسلاح يفيض خارج أيدي القوات النظامية هذا ليس طريق الخلاص بل وصفة لحروب أخرى تنتظرنا أشد وحشية من الحالية.

إذا لم يُفك ارتباط الجيش بالحركة الإسلامية ويعود مؤسسة قومية مهنية فسيبقى الوطن رهينة لقرارات سرية تُطبخ في الظلام  وإذا لم نكسر خطاب الكراهية القبلي والجهوي، فلن يبقى وطن لنتحدث عن وحدته.

هذه ليست شعارات، بل الحقيقة العارية التي يحاول كثيرون التهرب منها. والخوف من التخوين أسوأ من الحرب نفسها لأنه يخرس الأصوات التي كان يمكن أن تنقذ ما تبقى.

السودان لن يُبنى بتقديس القتلة ولا بتوزيع الشرعية على سلطات أمر واقع سيُبنى فقط حين نجرؤ على مواجهة الحقائق بلا مواربة تفكيك الميليشيا محاسبة صانعيها وإعادة الجيش إلى ثكناته وما عدا ذلك مجرد إعادة إنتاج للجحيم.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.