يوم خريفي ( 2 )

صحيفة الهدف

عبد العزيز الهشابة
#ملف_الهدف_الثقافي

وقليلًا قليلًا بدأت السحب تزدحم والأرض تظلم، وهاهي بدأت تنقط… فتعلو الأصوات هنا وهناك: يا بنت، دخلي حطب الوقود.. يا ولد، نزل الصينية المشرورة فيها الويكة. يا محمد، غطي المراتب بالمشمع، الغرفة بتنقط. ورويدًا رويدًا تتسارع نقط المطر، ثم يبرق ذلك البرق، يليه صوت رعد مخيف، فينكمش الناس في أسرهم داخل الغرف، ويشتد الهطول وتسيل المياه بغزارة، ويستمر الحال لفترة من الزمن. ويبدأ الخوف يدب في النفوس مع ازدياد هطول الأمطار، وتبدأ الهمهمات والتعويذات والدعاء… حوالينا ولا علينا، اللهم سبح الرعد بحمده.. اللهم اجعلها أمطار خير وبركة يا حافظ يا حفيظ احفظنا. وتمتلئ الحيشان، والكل يعلق ويتساءل: المجري ما مفتوح… كم مرة قلنا لكم استعدوا للمطر جاي.. وتسمع: رووو، أها ده شنو؟ دي حيطة الزريبة وقعت.. يا ساتر.. وفجأة تقف المطرة، ويرجع الأمر لنقط خفيفة، فيتنفس الناس الصعداء ويبدأون في الخروج: يا ولد، ما تخوض في الموية، أمرقي. يا بنت، ما تلقي ليك زجاجة تجرحك. أنت يا ولد، تعال هنا، ماشي وين… ماشي أشوف جدادتي الحمراء وسواسيوهن. يا زول، ادخل، البرد ده بيعمل ليك التهاب. وهكذا قائلًا قليلًا، تجد الشوارع مليئة ناس شفع يلعبون في الموية، ورجال يحملون على رؤوسهم أغطية، ويربطون جلاليبهم في منتصفهم، وكمية من الهرج والمرج.. ثم يأتي دور السؤال عن الجيران: يا كلتوم، المطرة لعل ما خربت عليكم.. لا، لا كويسين، الحمد لله، بس الحوش مليان موية. يا علوية، كلمي محمد يجي يفتح لينا المجري. أحمد ما في، ما عارقنه ممطر وين… يا خالد، كيف الحال؟ لعل البيوت ما دفقن؟ فيجيب خالد: لا، لا ما فيهن شي، شوية تنقيط..

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.