أنا معارض للنظام الدكاتوري.. إذا أنا وطني وحدوي ديمقراطي تقدمي
بقلم: المهندس عادل خلف الله
هناك دوائر داخل صفوف المعارضة تتعمد الخلط بين موقفها من النظام وموقفها من الوطن، ومكوناته الثقافية والحضارية والدينية، فتلتقي مع النظام في محاولة طمس معالم الصراع “السياسي والاقتصادي والاجتماعي” وحرفه عن مجراه الذي ظل يجري فيه منذ أن نالت البلاد استقلالها السياسي من أجل استكمال مهام ما بعد الاستقلال، والمتمثلة في توطين الديمقراطية وربطها بالتقدم الاقتصادي والاجتماعي وصيانة الوحدة والاستقلال بالحل السلمي لقضية الجنوب وبالعدالة والمساواة، وبتحقيق التنمية المتوازنة والتفاعل الإيجابي للسودان مع قضايا أمته وقارته ومحيطه الإنساني، وهي قضايا وأهداف ﻻ علاقة لها بدين أو ثقافة أو جهة، وبالمقابل ﻻ تتعارض مع النظام الديمقراطي التعددي القائم علي احترام الأديان، وحق المواطنين في الاعتقاد بها وممارسة عباداتها وطقوسها.
إن هذا الحق الدستوري يضمن الأمن والاستقرار، ويعزز من فرص التعايش والتآخي، وتمتين التنوع في إطار الوحدة، ويفوت الفرصة على النظام وبدائله الزائفة، من محاوله التضليل وحرف الصراع من مجراه وطمس معالم وحدة نضال الشعب بكل مكوناته، كطريق للتخلص من قوى التفتيت والتخلف والتبعية، عبر توسيع قاعدة المشاركة الجماهيرية، في إطار الانتفاضة وصولاً للعصيان المدني والإضراب السياسي العام.
والحال، أن العديد من المفاهيم تعرضت للتشويه، بتعمد بعض نظم الحكم، أو جماعات وقوى الضغط والمعارضة، في استخدامها لبلوغ أهداف سياسية واجتماعية وثقافية ومطلبية، والزج بها في أتون صراعاتها المحتدمة، ولم تسلم من ذلك الأديان والمكونات الثقافية والحضارية، وعنواين الاشتراكية والديمقراطية والتنمية، وما إلى ذلك.
وجاءت التجربة الإنقاذية تعبيرًا عن التوجهات الانعزالية التفتيتية، انطلاقُا من الأيديولوجيا وتعبير عن مصالح ضيقة، فتبنت العنف في مواجهة التطلعات والمطالب الوطنية والشعبية، وجيشت المشاعر الدينية لتأجيج الصراع، وافتراض حسمه من خلالها، أو بلوغ أفضل المكاسب لقوى الرأسمالية الطفيلية، المغطاه بالدين، وعلى الصعيد المقابل فإن العنصرية غطت بشعارات “السودان الجديد”.
إن جريمة أو كارثة فصل الجنوب عن الشمال، تقدم أنصع مثال في تشويه المفاهيم، والمحاوﻻت المستميتة لطمس معالم الصراع، وتشويهه بهدف خلط الأوراق، وتضليل الجماهير عن مصالحها الحقيقية وأعداءها التاريخيين، وأتضح بعد كل تلك المعاناة والتجربة القاسية ما يلي :
1- إن المشكلة ليست جغرافية “شمال وجنوب”، كما أنها ليست دينية “إسلام في مواجهة مسيحية وأديان ومعتقدات أخرى)، أو حضارية “عروبة في مواجهة أفريقانية”، على اعتبار أن التنوع هو الأصل في كل المجتمعات والدول، وعوضا عن الإقرار بالتمايز الحضاري والثقافي بين الشمال والجنوب، وإدارته في إطار الوحدة وبما يعززها ويقويها، استخدمته لوبيات المصالح الضيقة، والقوى الانعزالية في الشمال والجنوب، وبما يخدم طموحاتها النخبوية الفوقية المتخلفة قصيرة النظر.
2- وإن كرست إملاءات نيفاشا، الانفصال ماديًا والدكتاتورية برأسين، فإن ما بعد الانفصال يوضح:
أ- لم يحل الانفصال قضية الجنوب، وتفاقمت الأزمات في الشمال، لأن اﻻنفصال ببساطه لم يكن معبرًا عن تطلعات شعبي الشمال والجنوب، وهو حل مفتعل لأزمة حقيقية.
ب- مع اختلاف الشعارات والأيديولوجيا المرفوعة شماﻻً وجنوبًا، أفرز الانفصال نظامًا جنوبيًا بصورة كربونية للنظام المتسلط شماﻻً، وذلك فيما يخص الهيمنة والتسلط والمحاصصة القبلية والجهوية والمليشيات وفوضي الأولويات واقتصاد السوق.
نخلص من ذلك إلي التأكيد، علي أن النضال من أجل استعادة الديمقراطية، وإسقاط الدكتاتورية وتصفية ركائزها المادية والتشريعية والاقتصادية، ﻻ يمكن أن يكون إلا وطنيًا وحدويًا وتقدميًا وسلميًا، بكل مكونات شعبنا السوداني، الذي هو وسيلة الثورة وغايتها، حتى نتمكن من بناء وطن للسودانيين كافة.
Leave a Reply